للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان ذلك عليكم من الوبال، وكثر فيكم القيل والقال، وإن من قعد أو قام قدام رماح أهل الإيمان، فهو الذي أوقع نفسه في الهوان فجاء الرسول وأخبر أنهم اجتمعوا بشيوخهم الكبار الذين يعرفون حقيقة الأسرار وأشاروا عليهم بموافقة ما أمروا به من إتباع الشريعة والخروج عما ينكر عليهم من البدع الشنيعة، وقال شيخهم الذي يسيح بأقطار الأرض كبلاد الترك ومصر وغيرها: أحوالنا تظهر عند التتار لا تظهر عند شرع محمد بن عبد الله، وأنهم نزعوا الأغلال من الأعناق، وأجابوا إلى الوفاق. ثم ذكر لي أنه جاءهم بعض أكابر غلمان المطاع (١) وذكر أنه لا بد من حضورهم لموعد الاجتماع، فاستخرت الله تعالى تلك الليلة واستعنته، واستنصرته واستهديته، وسلكت سبيل عباد الله في مثل هذه المسالك، حتى ألقي في قلبي أن أدخل النار عند الحاجة إلى ذلك، وأنها تكون برداً وسلاماً على من اتبع ملة الخليل، وأنه تحرق أشباه الصابئة أهل الخروج عن هذه السبيل، وقد كان بقايا الصابئة أعداء إبراهيم إمام الحنفاء بنواحي البطائح منضمين إلى من يضاهيهم من نصارى الدهماء. وبين الصابئة ومن ضل من العباد المنتسبين إلى هذا الدين، نسب يعرفه من عرف الحق المبين، فالغالية من القرامطة والباطنية كالنصيرية والإسماعيلية، يخرجون إلى مشابهة الصابئة الفلاسفة ثم إلى الإشراك ثم إلى جحود الحق تعالى، ومن شركهم الغلو في البشر، والابتداع في العبادات، والخروج عن الشريعة له نصيب من ذلك بحسب ما هو لائق كالملحدين من أهل الاتحاد، والغالية من أصناف العباد.


(١) لعل أصله الأمير المطاع

<<  <  ج: ص:  >  >>