بمكة وبعضهم ذكر أنه فعل بالمدينة وذلك نقل ضعيف إما منقطع وإما بإسناد ضعيف والذي في الصحيح هو ما تقدم ومن تدبر الأحاديث الصحيحة والسيرة النبوية الثابتة تيقن أن ذلك كذب.
وأما عقد الأخوة بين الناس في زماننا فإن كان المقصود منها التزام الأخوة الإيمانية التي أثبتها الله بين المؤمنين بقوله:" إنما المؤمنين أخوة " وقول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: " المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه " وقوله: " لا يبيع أحدكم على بيع أخيه، ولا يستام على سوم أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه " وقوله: " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه من الخير ما يحبه لنفسه " ونحو ذلك من الحقوق الإيمانية التي تجب للمؤمن على المؤمن، فهذه الحقوق واجبة بنفس الإيمان، والتزامها بمنزلة الصلاة والزكاة والصيام والحج، والمعاهدة عليها كالمعاهدة على ما أوجب الله ورسوله، وهذه ثابتة لكل مؤمن على كل مؤمن، وإن لم يحصل بينهما عقد مؤاخاة، وإن كان المقصود منها إثبات حكم خاص كما كان بين المهاجرين والأنصار، فهذه فيها للعلماء قولان بناءً على أن ذلك منسوخ أم لا، فمن قال: إنه منسوخ - كمالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه - قال: إن ذلك غير مشروع. ومن قال إنه لم ينسخ - كما قال أبو حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى - قال: إنه مشروع.
وأما الشروط التي يلتزمها كثير من الناس في السماع وغيره مثل أن يقول: على المشاركة في الحسنات، وأينا خلص يوم القيامة خلص صاحبه ونحو ذلك، فهذه كلها شروط باطلة فإن الأمر يومئذ لله، هو " يوم لا تملك