فكيف لا يكون ذلك للمؤمنين، وهذا يتبين أن معانيه كانت معروفة بينة لهم.
الوجه الثالث: أنه قال تعالى: " إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ". وقال تعالى:" إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون " فبين أنه أنزله عربياً لأن يعقلوا، والعقل لا يكون إلا مع العلم بمعانيه.
الوجه الرابع: أنه ذم من لا يفقهه فقال تعالى: " وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ". وقال تعالى:" فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً " فلو كان المؤمنون لا يفقهونه أيضاً لكانوا مشاركين للكفار والمنافقين فيما ذمهم الله تعالى به.
الوجه الخامس: أنه ذم من لم يكن حظه من السماع إلا سماع الصوت دون فهم المعنى وإتباعه فقال تعالى: " ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ".
وقال تعالى:" أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون؟ إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً " وقال تعالى: " ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفاً؟ أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم " وأمثال ذلك. وهؤلاء المنافقون سمعوا صوت الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفهموا وقالوا: ماذا قالوا آنفاً؟ أي الساعة، وهذا كلام من لم يفقه.
قال تعالى:" أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم " فمن جعل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان غير عالمين بمعاني القرآن جعلهم بمنزلة الكفار والمنافقين فيما ذمهم الله تعالى عليه.