للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا تكلم فيه بما يدل على الإثبات، وأراد منهم أن لا يعتقدوا إلا النفي، لكون مجرد عقولهم تعرفهم به فإضافة هذا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من أعظم أبواب الزندقة والنفاق.

ويقال لهم ثالثاً: من الذي سلم لكم أن العقل يوافق مذهب النفاة بل العقل الصريح إنما يوافق ما أثبته الرسول، وليس بين المعقول الصريح والمنقول الصحيح تناقض أصلاً، وقد بسطنا هذا في مواضع بينا فيها أم ما يذكرون من المعقول المخالف لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما جهل وضلال تقلده متأخروهم عن متقدميهم، وسموا ذلك عقليات، إنما هي جهليات، ومن طلب من تحقيق ما قاله أئمة الضلال بالمعقول لم يرجع إلا إلى مجرد تقليدهم، فهم يكفرون بالشرع ويخالفون العقل تقليداً لمن توهموا إنه عالم بالعقليات، وهم مع أئمتهم الضلال كقوم فرعون معه، حيث قال: " فاستخف قومه فأطاعوه " قال تعالى عنه: " فاستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون، فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين، وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون، واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين " وفرعون هو إمام النفاة ولهذا صرح محققوا النفاة بأنهم على قوله، كما يصرح به الاتحادية من الجهمية من النفاة، إذ هو الذي أنكر العلو وكذب موسى فيه وأنكر تكليم الله لموسى قال تعالى: " وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب، أسباب السموات والأرض فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً " والله تعالى قد أخبر عن فرعون أنه أنكر الصانع وقال " وما رب العالمين " وطلب أن يصعد ليطلع إلى إله موسى، فلو لم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>