يوافق الشريعة، وإلا كان ضالاً عن الطريق، وكان ما يفسده أكثر مما يصلحه، والسالك من الفقه والعلم والنظر والكلام إن لم يتابع الشريعة ويعمل بعلمه وإلا كان فاجراً، ضالاً عن الطريق، فهذا هو الأصل الذي يجب اعتماده على كل مسلم.
وأما التعصب لأمر من الأمور بلا هدى من الله فهو من عمل الجاهلية، ومن أضل ممن اتبع بغير هدى من الله، ولا ريب أن لفظ الفقر في الكتاب والسنة وكلام الصحابة والتابعين وتابعيهم لم يكونوا يريدون به نفس طريق الله، وفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه والأخلاق المحمودة ولا نحو ذلك، بل الفقر عندهم ضد الغنى، والفقراء الذين ذكرهم الله في قوله:" إنما الصدقات للفقراء والمساكين " وفي قوله: " للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله " وفي قوله: " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم " والغني هو الذي لا يحل له أخذ الزكاة، أو الذي يجب عليه الزكاة، أو ما يشبه هذا، لكن لما كان الفقر مظنة الزهد طوعاً أو كرهاً، إذ من العصمة أن لا تقدر، وثار المتأخرون كثيراً ما يقرنون بالفقر معنى الزهد، والزهد قد يكون مع الغنى، وقد يكون مع الفقر، ففي الأنبياء والسابقين الأولين ممن هو زاهد مع غناه كثير.
والزهد المشروع ترك ما لا ينفع في الدار الآخرة، وأما كل ما يستعين به العبد على طاعة الله فليس تركه من الزهد المشروع، بل ترك الفضول التي تشغل عن طاعة الله ورسوله هو المشروع، وكذلك في أثناء المائة الثانية صاروا يعبرون عن ذلك بلفظ الصوفي، لأن لبس