للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو اختيار طائفة من علماء أصحاب أحمد كان بعضهم يقصر الصلاة في مسيرة بريد وهذا هو الصواب الذي لا يجوز القول بخلافه لمن تبين السنة وتدبرها فإن من تأمل الأحاديث في حجة الوداع وسياقها علم علماً يقيناً أن الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم من أهل مكة وغيرهم صلوا بصلاته قصراً وجمعاً ولم يفعلوا خلاف ذلك ولم ينقل أحد قط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا بعرفة ولا بمزدلفة ولا منى: " يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم مسافر " وإنما نقل أنه قال ذلك في نفس مكة كما رواه أهل السنن عنه وقوله ذلك في داخل مكة دون عرفة ومزدلفة ومنى دليل على الفرق وقد روي من جهة أهل العراق عن عمر أنه كان يقول بمنى " يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر " وليس له إسناد.

وإذا ثبت ذلك فالجمع بين الصلاتين قد يقال أنه لأجل النسك كما تقوله الحنفية وطائفة من أصحاب أحمد وهو مقتضى نصه فإنه يمنع المكي من القصر بعرفة ولم يمنعه من الجمع، وقال في جمع المسافر أنه يجمع في الطويل كالقصر عنده، وإذا قيل الجمع لأجل النسك ففيه قولان أحدهما لا يجمع إلا بعرفة ومزدلفة كما تقوله الحنفية والثاني أنه يجمع لغير ذلك من الأسباب المقتضية للجمع وإن لم يكن سفراً وهو مذهب الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وقد يقال لأن ذلك سفر قصي وهو يجوز الجمع في السفر القصير كما قال هذا وهذا بعض الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد فإن الجمع لا يختص بالسفر والنبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع في حجته إلا بعرفة ومزدلفة ولم يجمع بمنى ولا في ذهابه وإيابه ولكن جمع قبل ذلك في غزوة تبوك والصحيح أنه لم يجمع بعرفة لمجرد

<<  <  ج: ص:  >  >>