فعلم أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء يفعل ذلك على الوجه الذي يحصل به التيسير ورفع الحرج له ولأمته ولا يلتزم أنه لا يسلم من الأولى إلا قبل خروج وقتها الخاص وكيف يعلم ذلك المصلي في الصلاة وآخر وقت الظهر وأول وقت العصر إنما يعرف على سبيل التحديد بالظل والمصلي في الصلاة لا يمكنه معرفة الظل ولم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم آلات حسابية يعرف بها الوقت، ولا موقّت يعرف ذلك بالآلات الحسابية، والمغرب إنما يعرف آخر وقتها بالشفق، فيحتاج إلى أن ينظر إلى جهة الغرب هل غرب الشفق الأحمر أو الأبيض؟ والمصلي في الصلاة منهي عن مثل ذلك وإذا كان يصلي في بيت أو فسطاط أو نحو ذلك مما يستره عن الغرب ويتعذر عليه في الصلاة النظر إلى المغرب فلا يمكنه في هذه الحال أن يتحرى السلام في آخر وقت المغرب بل لا بد أن يسلم قبل خروج الوقت بزمن يعلم أنه معه يسلم قبل خروج الوقت.
ثم الثانية لا يمكنه على قولهم أن يشرع فيها حتى يعلم دخول الوقت وذلك يحتاج إلى عمل وكلفة مما لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يراعيه بل ولا أصحابه، فهؤلاء لا يمكن الجمع على قولهم في غالب الأوقات لغالب الناس إلا مع تفريق الفعل، وأولئك لا يكون الجمع عندهم إلا مع اقتران الفعل، وهؤلاء فهموا من الجمع اقتران الفعلين في وقت واحد أو وقتين، وأولئك قالوا لا يكون الجمع إلا في وقتين، وذلك يحتاج إلى تفريق الفعل وكلا القولين ضعيف.