للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم لم يجمع إلا للمطر، بل إذا جمع لسبب هو دون المطر مع جمعه أيضاً للمطر كان قد جمع من غير خوف ولا مطر، كما أنه إذا جمع في السفر وجمع في المدينة كان قد جمع في المدينة من غير خوف ولا سفر، فقول ابن عباس جمع من غير كذا ولا كذا ليس نفياً منه للجمع بتلك الأسباب بل إثبات منه لأنه جمع بدونها وإن كان قد جمع بها أيضاً.

ولو لم ينقل أنه جمع بها فجمعه بما هو دونها دليل على الجمع بها بطريق الأولى، فيدل ذلك على الجمع للخوف والمطر، وقد جمع بعرفة ومزدلفة من غير خوف ولا مطر.

فالأحاديث كلها تدل على أنه جمع في الوقت الواحد لرفع الحرج عن أمته فيباح الجمع إذا كان في تركه حرج قد رفعه الله عن الأمة، وذلك يدل على الجمع للمرض الذي يحرج صاحبه بتفريق الصلاة بطريق الأولى والأحرى، ويجمع من لا يمكنه إكمال الطهارة في الوقتين إلا بحرج كالمستحاضة وأمثال ذلك من الصور (١) .

وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر، وروى الثوري في جامعه عن سعيد عن قتادة عن أبي العالية عن عمر ورواه يحيى بن سعد عن يحيى بن صبح حدثني حميد بن


(١) المنار - ذكر النووي في شرح مسلم خلاصة ما قاله المتأولون لروايات الجمع بالمدينة من غير مطر ولا خوف وردها كلها بما دل قطعا على أن هذا الجمع في الإقامة رخصة للأمة وقال في آخر البحث. وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك. وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروذي واختاره ابن المندر ويؤيده ظاهر قول ابن عباس اراد أن لا يخرج أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره والله أعلم اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>