للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الكذب الظاهر، فإن عثمان ما أقام بمكة قط، بل كان إذا حج يرجع إلى المدينة.

وقد حمل الشافعي وأصحابه وطائفة من متأخري أصحاب أحمد، كالقاضي وأبي الخطاب وابن عقيل وغيرهم فعل عثمان على قولهم، فقالوا: لما كان المسافر مخيراً بين الإتمام والقصر، كان كل منهما جائزاً، وفعل عثمان هذا، لأن القصر جائز والإتمام جائز، وكذلك حملوا فعل عائشة واستدلوا بما رووه من جهتها، وذكر البيهقي قول من قال أتمها لأجل الأعراب، ورواه من سنن أبي داود، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد عن أيوب عن الزهري، أن عثمان بن عفان أتم الصلاة بمنى من أجل الأعراب، لأنهم كثروا عامين فصلى بالناس أربعاً، ليعلمهم أن الصلاة أربع. وروى البيهقي من حديث إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا يعقوب عن حميد ثنا سليمان بن سالم مولى عبد الرحمن بن حميد عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عثمان بن عفان أنه أتم الصلاة بمنى ثم خطب الناس فقال: أيها الناس إن السنة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة صاحبيه، ولكنه حدث العام من الناس فخفت أن تعيبوا، قال البيهقي وقد قيل غير هذا والأشبه أن يكون رآه رخصة فرأى الإتمام جائزاً كما رأته عائشة، قلت: وهذا بعيد فإن عدول عثمان عما داوم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفتاه بعده مع أنه أهون عليه، وعلى المسلمين ومع ما علم من حلم عثمان واختياره له ولرعيته، أسهل الأمور وبعده عن التشديد والتغليظ لا يناسب أن يفعل الأمر الأثقل الأشد مع ترك ما داوم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفتاه بعده، ومع رغبة عثمان

<<  <  ج: ص:  >  >>