الأدلة دالة على كون ذلك مخالفاً للسنة لا أنه محرم كالصلاة بدون رفع اليدين ومع الالتفات ونحو ذلك من المكروهات وسنتكلم إن شاء الله على تمام ذلك.
مذهب عثمان رضي الله عنه في قصر الصلاة:
وأما إتمام عثمان فالذي ينبغي أن يحمل حاله على ما كان يقول لا على ما لم يثبت فقوله أنه بلغني أن قوماً يخرجون إما لتجارة وإما لجباية وإما لجريم يقصرون الصلاة وإنما يقصر الصلاة من كان شاخصاً أو بحضرة عدو، وقوله بين فيه مذهبه وهو أنه لا يقصر الصلاة من كان نازلاً في قرية أو مصر إلا إذا كان خائفاً بحضرة عدو وإنما يقصر من كان شاخصاً أي مسافراً وهو الحامل للزاد والمزاد أي للطعام والشراب، والمزاد وعاء الماء، يقول إذا كان نازلاً مكاناً فيه الطعام والشراب كان مترفهاً بمنزلة المقيم فلا يقصر لأن القصر إنما جعل للمشقة التي تلحق الإنسان وهذا لا تلحقه مشقة فالقصر عنده للمسافر الذي يحمل الزاد والمزاد وللخائف، ولما عمرت منى وصار بها زاد ومزاد لم ير القصر بها لا لنفسه ولا لمن معه من الحجاج، وقوله في تلك الرواية: ولكن حدث العام لم يذكر فيها ما حدث فقد يكون هذا هو الحادث، وإن كان قد جاءت الجهال من الأعراب وغيرهم يظنون أن الصلاة أربع فقد خاف عليهم أن يظنوا أنها تفعل في مكان فيه الزاد والمزاد أربعاً وهذا عنده لا يجوز، وإن كان قد تأهل بمكة فيكون هذا أيضاً موافقاً فإنه إنما تأهل بمكان فيه الزاد والمزاد وهو لا يرى القصر لمن كان نازلاً بأهله في مكان فيه الزاد والمزاد، وعلى هذا فجميع ما ثبت في هذا الباب من عذره يصدق بعضه بعضاً.