للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيم من الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسوله، ويوجد أحياناً عندهم من جنس الآراء والأذواق الفاسدة أو المحتملة شيء كثير، ومن له من الأمة لسان صدق عام بحيث يثنى عليه ويحمد في جماهير أجناس الأمة فهؤلاء هم أئمة الهدى ومصابيح الدجى وغلطهم قليل بالنسبة إلى صوابهم وعامته من موارد الاجتهاد التي يعذرون بها وهم الذين يتبعون العلم والعدل فهم بعداء عن الجهل والظلم وعن إتباع الظن وما تهوى النفس.

فصل: وأما حال أهل الصفة هم وغيرهم من فقراء المسلمين الذين لم يكونوا في الصفة أو كانوا يكونون بها بعض الأوقات فكما وصفهم الله تعالى في كتابه حيث بين مستحقي الصدقة منهم ومستحقي الفيء، فقال: " إن تبدوا الصدقات فنعماً هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لك ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير " إلى قوله: " للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً " وقال في أهل الفيء: " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون " وكان فقراء المسلمين من أهل الصفة وغيرهم يكتسبون عند إمكان الاكتساب الذي لا يصدهم عما هو أوجب أو أحب إلى الله من الكسب وأما إذا أحصروا في سبيل الله عن الكسب فكانوا يقدمون ما هو أقرب إلى الله ورسوله.

وكان أهل الصفة ضيف الإسلام يبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون عنده فإن الغالب كان عليهم الحاجة لا يقوم ما يقدرون عليه من الكسب بما يحتاجون إليه من الرزق.

وأما المسألة فكانوا فيها كما أدبهم النبي صلى الله عليه وسلم حرمها على المستغني عنها وأباح منها أن يسأل الرجل حقه مثل أن يسأل ذا السلطان أن يعطيه حقه من مال الله أو يسأل إذا كان لا بد سائلاً الصالحين الموسرين إذا احتاج إلى ذلك ونهى خواص أصحابه عن المسألة مطلقاً حتى كان السوط يسقط من يد أحدهم

<<  <  ج: ص:  >  >>