وفي الصحيحين عن عبد الله بن زيد قال: صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات، فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع وقال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بمنى ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين.
وإتمام عثمان رضي الله عنه قد قيل أنه كان لأنه تأهل بمكة، فصار مقيماً، وفي المسند عن عبد الرحمن بن أبي ذآب، أن عثمان صلى بمنى أربع ركعات، فأنكر الناس عليه فقال: يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من تأهل في بلد فليصل صلاة مقيم بمكة ثلاثة أيام ويقصر الرابعة " فإنه يقصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يمكنه أن يقيم بها أكثر من ذاك، فإن عثمان كان من المهاجرين، وكان المقام بمكة حراماً عليهم.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمهاجر أن يقيم بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً، وكان عثمان إذا اعتمر يأمر براحلته، فتهيأ له فيركب عليها عقب العمرة، لئلا يقيم بمكة فكيف يتصور أنه يعتقد أنه صار مستوطناً بمكة إلا أن يقال أنه جعل التأهل إقامة لا إستيطاناً، فيقال معلوم أن من أقام بمكة ثلاثة أيام، فإنه يقصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يمكنه أن يقيم بها أكثر من ذلك، لكن قد يكون نفس التأهل مانعاً من القصر، وهذا أيضاً بعيد فإن أهل مكة كانوا يقصرون خلف النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه بمنى، وأيضاً فالأمراء بعد عثمان من بني أمية كانوا يتمون إقتداءً به، ولو كان عذره مختصاً به لم يفعلوا ذلك، وقيل إنه خشي أن الأعراب يظنون أن الصلاة أربع وهذا أيضاً ضعيف، فإن الأعراب كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أجهل