حديث أم هانئ: كنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي من الليل.
وقال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن القراءة بالألحان فقال: كل شيء محدث فإنه لا يعجبني إلا أن يكون صوت رجل لا يتكلفه.
قال: وأما قول القائل أن أحمد قال ذلك خوفاً من الناس فبطلان هذا القول يعلمه كل عاقل بلغه شيء من أخبار أحمد، وقائل هذا هو إلى العقوبة البليغة أحوج منه إلى جوابه لافترائه على الأئمة، فإن الإمام أحمد صار مثلاً سائراً يضرب به المثل في المحنة، والصبر على الحق، فإنه لم يكن يأخذه في الله لومة لائم، حتى صارت الإمامة مقرونة باسمه في لسان كل أحد فيقال قال الإمام أحمد وهذا مذهب الإمام أحمد لقوله تعالى:" وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " فإنه أعطي من الصبر واليقين، وينال به الإمامة في الدين، وقد تداوله ثلاثة خلفاء يسلطون عليه من شرق الأرض إلى غربها ومعهم من العلماء المتكلمين والقضاة والوزراء والسعاة والأمراء والولاة ما لا يحصيه إلا الله، فبعضهم تسلط عليه بالحبس، وبعضهم بالتهديد الشديد، وبعضهم يعده بالقتل، وبغيره من الرعب، وبعضهم بالترغيب في الرياسة والمال، وبعضهم بالنفي والتشريد من وطنه، وقد خذله في ذلك أهل الأرض حتى أصحابه العلماء والصالحون، وهو مع ذلك لا يجيبهم إلى كلمة واحدة مما طلبوا منه، وما رجع عما جاء به الكتاب والسنة ولا كتم العلم، ولا استعمل التقية، بل قد أظهر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره ما دفع به البدع المخالفة لذلك مما لم يتأت مثله لعالم من نظرائه، ولهذا قال بعض علماء الشام لم يظهر أحد ما جاء به الرسول كما أظهره أحمد بن حنبل، فكيف يظن به أنه كان يخاف هذه الكلمة التي لا قدر لها، وأيضاً فمن أصوله أنه لا يقول في الدين قولاً مبتدعاً، فكيف بكلمة ما قالها أحد قبله.
قال: فالمنتسبون إلى السنة والحديث وإن كانوا أصلح من غيرهم وفيهم من الخير