للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفظ القضاء فإنه في كلام الله وكلام الرسول المراد به إتمام العبادة وإن كان ذلك في وقتها كما قال تعالى: " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله " وقوله " فإذا قضيتم مناسككم " ثم اصطلح طائفة من الفقهاء فجعلوا لفظ القضاء مختصاً بفعلها في غير وقتها، ولفظ الأداء مختصاً بما يفعل في الوقت، وهذا التفريق لا يعرف قط في كلام الرسول، ثم يقولون قد يستعمل لفظ القضاء في الأداء فيجعلون اللغة التي نزل القرآن بها من النادر، ولهذا يتنازعون في مراد النبي صلى الله عليه وسلم: " فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا " وفي لفظ " فأتموا " فيظنون أن بين اللفظين خلافاً وليس الأمر كذلك بل قوله " فاقضوا " كقوله " فأتموا " لم يرد بأحدهما الفعل بعد الوقت، بل لا يوجد في كلام الشارع أمر بالعبادة في غير وقتها، لكن الوقت وقتان: وقت عام ووقت خاص لأهل الأعذار كالنائم والناسي إذا صليا بعد الاستيقاظ والذكر فإنما صليا في الوقت الذي أمر الله به، وأن هذا ليس وقتاً في حق غيرهما.

ومن أعظم أسباب الغلط في فهم كلام الله ورسوله أن ينشأ الرجل على اصطلاح حادث فيريد أن يفسر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها، وما ذكر في مسمى الكلام مما ذكره سيبويه في كتابه عن العرب فقال: واعلم إن قلت في كلام العرب إنما وقعت على أن تحكي وإنما تحكي بعد القول ما كان كلاماً قولاً وإلا فلا يوجد قط لفظ الكلام والكلمة إلا للجملة التامة في كلام العرب، ولفظ الحرف يراد به الاسم والفعل وحروف المعاني واسم حروف الهجاء، ولهذا سأل الخليل أصحابه: كيف تنطقون بالزاي من زيد؟ فقالوا: زاي فقال: نطقتم بالاسم، والحرف زه (١) فبين الخليل أن هذه التي تسمى حروف الهجاء هي أسماء.


(١) الهاء في قوله زه - ساكنة زيدت لأجل الوقف، وإنما مسمى الحرف الأول من زيد "ز" بالفتح والعرب لا تقف على متحرك كما أنها لا تبتدئ النطق بساكن

<<  <  ج: ص:  >  >>