وهي حادثة، وهذه طرق المعتزلة ومن وافقهم على أن الأجسام قد تخلو عن بعض أنواع الأعراض، وتارة يثبتونها بأن الجسم لا يخلو من كل جنس من الأعراض عن عرض منه، ويقولون إن الأعراض يمتنع بقاؤها لأن العرض لا يبقى زمانين، وهي الطريقة التي اختارها الأمدي وزيف ما سواها، وذكر أن جمهور أصحابه اعتمدوا عليها، وقد وافقهم عليها طائفة من الفقهاء من أصحاب الأئمة الأربعة كالقاضي أبي يعلى والجويني والباجي وغيرهم.
وأما الهشامية والكرامية وغيرهما من الطوائف الذين لا يقولون بحدوث كل جسم يقولون أن القديم تقوم به الحوادث، فهؤلاء إذا قالوا بأن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث كما في قول الكرامية وغيرهم موافقة للمعتزلة في هذا الأصل فإنهم قالوا أن الجسم القديم لا يخلو عن الحوادث بخلاف الأجسام المحدثة.
والناس متنازعون في السكون هل هو أمر وجودي أو عدمي، فمن قال إنه وجودي قال الجسم الذي لا يخلو عن الحركة والسكون فإذا انتفت عنه الحركة فالسكون به وجودي، وهذا قول من يحتج بتعاقب الحركة والسكون على حدوث المتصف بذلك، ومن قال إنه عدمي لم يلزم من عدم الحركة عن المحل ثبوت أن السكون وجودي، فمن قال إنه تقوم به الحركة أو الحوادث بعد أن لم تكن مع قوله بامتناع تعاقب الحوادث كما هو في قول الكرامية. وغيرهم يقولون: إذا قامت به الحركة لم يعدم بقيامها سكون وجودي، بلى ذلك عندهم بمنزلة قولهم مع المعتزلة والأشعرية وغيرهم فإنه يفعل بعد أن لم يكن فاعلاً، ولا يقولون إن عدم الفعل أمر وجودي كذلك الحركة عند هؤلاء.
وكان كثير من أهل الكلام يقولون ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، أو ما لا يسبق الحوادث فهو حادث، بناءً على أن هذه مقدمة ظاهرة بأن ما لا يسبق الحادث فلا بد أن يقارنه أو يكون بعده، وقارن الحوادث فهو حادث، وما كان بعده فهو حادث، وهذا