الاجتهاد ولهذا وجب عليهم جميعهم أن يعتصموا بكتاب الله وسنة رسوله وأن يزنوا مواجيدهم ومشاهدتهم وآرائهم ومعقولاتهم بكتاب الله وسنة رسوله لا يكتفوا بمجرد ذلك، فإن سيد المحدثين المخاطبين الملهمين من هذه الأمة هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد كان تقع له وقائع يردها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصديقه التابع له الآخذ عنه الذي هو أكمل من المحدث الذي يحدث نفسه عن ربه ولهذا أوجب على جميع الخلق إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته في جميع أمورهم الباطنة والظاهرة، ولو كان أحد يأتيه من الله ما لا يحتاج إلى عرضه على الكتاب والسنة لكان مستغنياً عن الرسول في بعض دينه، وهذا من أقوال المارقين الذين يظنون أن من الناس من يكون مع الرسول كالخضر مع موسى ومن قال هذا فهو كافر، وقد قال تعالى:" وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم " فقد ضمن الله وللرسول وللنبي أن ينسخ ما يلقي الشيطان في أمنيته ولم يضمن ذلك للمحدث ولهذا كان في الحرف الآخر الذي كان يقرأ به ابن عباس وغيره: وما أرسلنا من قبلك رسولاً ولا نبي ولا محدث إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته. ويحتمل والله أعلم أن يكون هذا الحرف متلواً حيث لم يضمن نسخ ما ألقى الشيطان فأما نسخ ما ألقى الشيطان فليس إلا للأنبياء والمرسلين إذ هم معصومون فيما يبلغون عن الله تعالى أن يستقر فيه شيء من إلقاء الشيطان، وغيرهم لا يجب عصمته من ذلك وإن كان من أولياء الله المتقين، فليس من شرط أولياء الله المتقين أن لا يكونوا مخطئين في بعض الأشياء خطأً مغفوراً لهم بل ولا من شرطهم ترك الصغائر مطلقاً، بل ولا من شرطهم ترك الكبائر أو الكفر الذي تعقبه التوبة وقد قال الله تعالى:" والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون، لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين، ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا (١) ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون " فقد وصفهم الله تعالى بأنهم هم المتقون
(١) كذا في الأصل وهو محرف والمعنى الذي يدل عليه السياق أنهم مع يسيئون ولكن يكفر عنهم أسوأ الذي عملوا أي لغلبة إحسانهم على سيئاتهم