للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن نفس حروف المعجم مخلوقة كما نقل عنه أنه قال: ومن زعم أن حرفاً من حروف المعجم مخلوق فقد سلك طريقاً إلى البدعة، قال إن ذلك مخلوق، وقد قال أن القرآن مخلوق ولا ريب أنه من جعل نوع الحروف مخلوقاً ثابتاً عن الله كائناً بعد إن لم يكن لزم عنده أن يكون كلام الله العربي والعبري ونحوهما مخلوقاً، وامتنع أن يكون الله متكلماً بكلامه الذي أنزله إلى عباده، فلا يكون شيء من ذلك كلامه فطريقة الإمام أحمد وغيره من السلف مطابقة للقول الثابت الموافق لصريح المعقول وصحيح المنقول.

وقال الشيخ الإمام أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرخي في كتابه الذي سماه الفصول في الأصول: سمعت الشيخ أبا حامد الإسفرايني يقول: مذهبي ومذهب الشافعي وفقهاء الأمصار أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال مخلوق فهو كافر، والقرآن حمله جبريل عليه السلام مسموعاً من الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم سمعه من جبريل والصحابة سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي نتلوه بألسنتنا وفيما بين الدفتين، وما في صدورنا مسموعاً ومكتوباً ومحفوظاً، وكل حرف منه كالباء والتاء كله كلام الله غير مخلوق، ومن قال مخلوقاً فهو كافر عليه لعائن الله والملائكة والناس أجمعين.

والكلام في هذا الأمور مبسوط في غير هذا الموضع وذكر ما يتعلق بهذا الباب من الكلام في سائر الصفات كالعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام في تعدد الصفات وإيجادها وقدمها وحدوثها، أو قدم النوع دون الأعيان، أو إثبات صفة كلية، فإن عمومها متأولة بالأعيان مع تجدد كل معين من الأعيان أو غير ذلك مما قيل في هذا الباب فإن هذه أمور مشكلة ومحارات للعقول ولهذا اضطرب فيها طوائف من الناس ونظارهم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم والله سبحانه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>