يكن متكلماً فإنه وصف له بالكمال بعد النقص وأنه صار محلاً للحوادث التي كل بها بعد نقصه، ثم حدوث ذلك الكمال لا بد له من سبب، والقول في الثاني كالقول في الأول، ففيه تجدد جلاله ودوام أفعاله وبهذا يمكن أن يكون العالم وكل ما فيه مخلوقاً له حادثاً بعد أن لم يكن، لأنه يكون سبب الحدوث وهو ما قام بذاته من كلماته وأفعاله وغير ذلك، فيعقل سبب حدوث الحوادث، ومع هذا يمتنع أن يقال بقدم شيء من العالم لأنه لو كان قديماً لكان مبدعه موجباً بذاته يلزمه موجبه ومقتضاه، فإذا كان الخالق فاعلاً بفعل يقوم بنفسه بمشيئته واختياره امتنع أن يكون موجباً بذاته لشيء من الأشياء، فامتنع قدم شيء من العالم، وإذا امتنع من الفاعل المختار أن يفعل شيئاً منفصلاً عنه مقارناً مع أنه لا يقوم به فعل اختياري فلأن يمتنع ذلك إذا قام به فعل اختياري بطريق الأولى والأحرى، لأنه على هذا التقدير الأول يكفي في نفس المشيئة والفعل الاختياري والقدرة، ومعلوم أن ما يتوقف على المشيئة والفعل الاختياري القائم به أن يكون أولى بالحدوث والتأخر مما لم يتوقف إلا على بعض ذلك.
والكلام على هذه الأمور مبسوط في غير هذا الموضع.
وأكثر الناس لا يعلمون كثيراً من هذه الأقوال ولذلك كثر بينهم القيل والقال وما ذكرناه إشارة إلى مجامع المذاهب. انتهى.