نوعاً من العمل وقسماً منه، ويراد به تارة ما يقترن بالحركة ويكون عنها لا نفس الحركة فيكون الكلام قسيماً للعمل ونوعاً آخر ليس هو منه.
ولهذا تنازع العلماء في لفظ العمل المطلق هل يدخل فيه الكلام على قولين معروفين لأصحاب أحمد وغيرهم وبنوا على ذلك ما إذا حلف لا يعمل اليوم عملاً فتكلم هل يحنث؟ على قولين: وذلك لأن لفظ الكلام قد يدخل في العمل وقد لا يدخل، فالأول كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تحاسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار فهو يقول لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لعملت مثل ما يعمل " كما أخرجه الشيخان في الصحيحين، فقد جعل فعل هذا الذي يتلوه آناء الليل والنهار عملاً كما قال لعملت فيه مثل ما يعمل الثاني كما في قوله تعالى:" إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " وقوله تعالى: " وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا شهوداً إذ تفيضون فيه " فالذين قالوا التلاوة هي المتلو من أهل العلم والسنة قصدوا أن التلاوة هي القول والكلام المتلو، وآخرون قالوا: بل التلاوة غير المتلو والقراءة غير المقروء. والذين قالوا ذلك من أهل السنة والحديث أرادوا بذلك أن أفعال العباد ليست هي كلام الله ولا أصوات العباد هي صوت الله، وهذا الذي قصده البخاري وهو مقصود صحيح.
وسبب ذلك أن لفظ التلاوة والقراءة واللفظ مجمل مشترك، يراد به المصدر ويراد به المفعول، فمن قال اللفظ ليس هو الملفوظ والقول ليس هو المقول وأراد باللفظ والقول المصدر كان معنى كلامه أن الحركة ليست هي الكلام المسموع وهذا صحيح، ومن قال اللفظ هو الملفوظ والقول هو نفس المقول وأراد باللفظ والقول مسمى المصدر، صار حقيقة مراده أن اللفظ والقول هو الكلام المقول الملفوظ وهذا صحيح.