فهي أمور مهدرة في الشريعة إلا إذا جعلت من المباحات من الأمور المستحبات، (١) وأما ما يقترن بذلك من الأمور المكروهة في دين الله من أنواع البدع والفجور فيجب النهي عنه كما جاءت به الشريعة.
فصل: وأما الأسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة مثل الغوث الذي يكون بمكة والأوتاد الأربعة والأقطاب السبعة والأبدال الأربعين والنجباء الثلاثمائة فهذه الأسماء ليست موجودة في كتاب الله ولا هي أيضاً مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف محتمل إلا لفظ الأبدال فقد روي فيهم حديث شامي منقطع الإسناد عن علي بن أبي طالب مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن فيهم - يعني أهل الشام - الأبدال أربعين رجلاً كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجل " ولا توجد هذه الأسماء في كلام السلف كما هي على هذا الترتيب، ولا هي مأثورة على هذا الترتيب والمعاني عن المشايخ المقبولين عند الأمة قبولاً عاماً وإنما توجد على هذه الصورة عن بعض المتوسطين من المشايخ وقد قالها إما أثراً لها عن غيره أو ذكراً. وهذا الجنس ونحوه من العلم الذي قد التبس على أكثر المتأخرين حقه بباطله، فصار فيه من الحق ما يوجب قبوله ومن الباطل ما يوجب رده، وصار كثير من الناس فيه على طرفي نقيض قوم كذبوا به كله لما وجدوا فيه من الباطل، وقوم صدقوا به كله لما وجدوا فيه من الحق، وإنما الصواب التصديق بالحق والتكذيب بالباطل، وهذا تحقيق بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من ركوب هذه الأمة سنن من كان قبلها حذو القذة بالقذة، فإن أهل الكتابين لبسوا الحق بالباطل، وهذا هو التبديل
(١) كذا في نسختنا ولا يظهر له معنى جلي بغير تكلف ولعل أصله إذا جعلت المباحات مما ذكر من المستحبات بالنية الصالحة كالسياحة الأصل فيها الإباحة وقد تكون مستحبة إذا نوي بها أمر مستحب شرعا كتحصيل العلوم والفنون النافعة غير الواجبة شرعا كما تكون واجبة وفنون الصناعات التي تتوقف عليها المصالح المعاشية والحربية من فروض الكفايات