يقول محمد رشيد آل رضا: قد جمع هذه المباحث والفتاوى عالم الشام السلفي
الاثري، الأستاذ الشيخ جمال الدين القاسمي الشهير (رح) من كتاب الكواكب وغيره
من كتب شيخ الإسلام وفتاويه، وأرسله إلى صديقنا السلفي الاثري السري،
صاحب الفضيلة الشيخ محمد نصيف الحجازي. وقد رفعه هذا إلى الإمام الهمام،
ومحي مذهب السلف وسنة خير الأنام، عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل
سعود ملك الحجاز ونجد وملحقاتها فبادر إلى اصدار أمره الينا بطبعه مع رسائل أخرى
لشيخ الإسلام قدس الله روحه لنشره في مملكته وغيرها كسائر مطبوعاته النافعة (وهي
ماحواه هذا المجموع) وكنا نظن أن المرحوم القاسمي عني بقراءته وتصحيحه بنفسه،
أن يكون عني بتصحيحه، وقد هون علينا تصحيحه ما فيه من تكرار المسائل فاستفدنا
من مقابلة بعضها ببعض.
وأما قيمة هذا المجموع الدينية العلمية فهي لا تقدر، والتكرار فيه مفيد فان
هذه التحقيقات الواسعة قلما يعيها أحد إلا إذا تكررت على ذهنه مراراً كثيرة
ومن الغريب أن هذه المسائل كان يكتبها شيخ الاسلام قدس الله روحه
أو يمليها من غير مراجعه كتاب من الكتب، وهي من الآيات البينات، والبراهين
الواضحات، على أن هذا الرجل من أكبر آيات الله في خلقه، أيد بها كتابه الذي
قال فيه انه (يهدي للتي هي أقوم) وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان
عليه السلف الصالح من فهمها، والاعتصام بها.
ويعلم من كل فتوى منها - بله جملتها ومجموعها - انه رحمه الله تعالى قد
جمع من العلوم النقلية والعقلية الشرعية والتاريخية والفلسفية من الإحاطة بمذاهب
الملل والنحل وآراء المذاهب ومقالات الفرق حفظا وفهما ما لا نعلم مثله عن
أحد من علماء الأرض قبله ولا بعده، وأغرب من ذلك ما آتاه الله من قوة الحكم في
إبطال الباطل وإحقاق الحق في كل منها بالبراهين النقلية والعقلية، ونصر مذهب السلف
في فهم الكتاب والسنة على كل ما خالفه من مذاهب المتكلمين والفلاسفة وغيرهم
(ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم)