وهي مع كونها كفراً فهو أقربهم إلى الإسلام لما يوجد في كلامه من الكلام الجيد الكثير، ولأنه لا يثبت على الاتحاد ثبات غيره، بل هو كثير الاضطراب فيه، وإنما هو قائم مع خياله الواسع الذي يتخيل فيه الحق تارة والباطل أخرى. والله أعلم بما مات عليه. فإن مقالته مبنية على أصلين.
الأصل الأول لمذهب ابن عربي
أحدهما أن المعدوم شيء ثابت في العدم، موافقة لمن قال ذلك من المعتزلة والرافضة. وأول من ابتدع هذه المقالة في الإسلام أبو عثمان الشحام شيخ أبي علي الجبائي وتبعه عليها طوائف من القدرية المبتدعة من المعتزلة والرافضة، وهؤلاء يقولون أن كل معدوم يمكن وجوده فإن حقيقته وماهيته وعينه ثابتة في العدم، لأنه لولا ثبوتها لما تميز المعلوم المخبر عنه من غير المعلوم المخبر عنه، ولما صح قصد ما يراد إيجاده، لأن القصد يستدعي التمييز، والتمييز لا يكون إلا في شيء ثابت، لكن هؤلاء وإن ابتدعوا هذه المقالة التي هي باطلة في نفسها وقد كفرهم بها طوائف مت متكلمة السنة - فهم يعترفون بأن الله خلق وجودها، ولا يقولون أن عين وجودها عين وجود الحق. وأما صاحب الفصوص وأتباعه فيقولون: عين وجودها عين وجود الحق، فهي متميزة بذواتها الثابتة في العدم متحدة بوجود الحق العالم بها. وعامة كلامه ينبني على هذا لمن تدبره وفهمه.
وهؤلاء القائلون بأن المعدوم شيء ثابت في العدم سواء قالوا بأن وجودها خلق الله أو هو الله، يقولون إن الماهيات والأعيان غير مجعولة ولا مخلوقة وأن وجود كل شيء قدر زائد على ماهيته، وقد يقولون الوجود صفة للموجود.
وهذا القول وإن كان فيه شيه بقول القائلين بقدم العالم أو القائلين بقدم مادة