بمعنى النفس، وهذه العين ليس لها حدقة ولا أجفان، وإنما هذا بمنزلة من قال نبعت العين وفاضت وشربنا منها واغتسلنا، ووزنتها في الميزان فوجدتا عشرة مثاقيل وذهبها خالص، وسبب هذا أنه كثيراً ما كان يتصرف في حروف بلا معان.
الوجه الثالث: أنه تناقض من وجه آخر فإنه إذا كان العالم هو حدقة العين فينبغي أن يكون قد بقي من الله بقية الأعضاء غير العين، فإذا قال في آخر كلامه: والله هو نور العين، كان الله جزءاً من العين أو صفة له، فقد جعل في أول كلامه العالم جزءاً من الله، وفي آخر كلامه جعل الله جزء من العالم، وكل من القولين كفر، بل هذا أعظم من كفر الذين ذكرهم الله بقوله (وجعلوا له من عباده جزءاً إن الإنسان لكفور مبين، أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين) فإذا كان الله كفر من جعل له من عباده جزءاً فكيف من جعل عباده تارة جزءاً منه تارة جعله هو جزءاً منهم؟ فلعن الله أرباب هذه المقالات وانتصر لنفسه ولكتابه ولرسوله ولعباده المؤمنين منهم.
الوجه الرابع: إنه تناقض من جهة أخرى، فإنه إذا قال العين: ما يتعين الله فيه، والعالم كله حدقة عينه التي لا تنام، فقد جعله متعيناً في جميع العالم، فإذا قال بعدها وهو نور العين، بقيت سائر أجزاء العين من الأجفان والأهداب والسواد والبياض لم يتعين فيها، فقد جعله متعيناً فيها غير متعين فيها.
الوجه الخامس: أن نور العين مفتقر إلى العين محتاج إليها لقيامه بها، فإذا كان الله في العالم كالنور في العين وجب أن يكون محتاجاً إلى العالم.
واعلم أن هذا القول يشبه قول الحلولية الذين يقولون هو في العالم كالماء في الصوفة وكالحياة في الجسم ونحو ذلك، ويقولون هو بذاته في كل مكان، وهذا قول قدماء الجهمية الذين كفرهم أئمة الإسلام. وحكى عن الجهم أنه كان يقول هو مثل هذا الهواء، أو قال هو هذا الهواء.
وقوله أولاً: هو حدقة عين الله، يشبه قول الاتحادية فإن الاتحادية يقولون