للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تكون موجود بحقائقها إلا حين توجد ولا فرق في ذلك بين الأنبياء وغيرهم، ولم تكن حقيقته صلى الله عليه وسلم موجودة قبل أن يخلق إلا كما كانت حقيقة غيره بمعنى أن الله علمها وقدرها، لكن كان ظهور خبره واسمه مشهوراً أعظم من غيره فإنه كان مكتوباً في التوراة والإنجيل وقبل ذلك، كما روى الإمام أحمد في مسنده عن العرباض بن سارية، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إني لعبد الله مكتوب خاتم النبيين وأن آدم لمنجدل في طينته وسأنبئكم بأول ذلك: دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورؤيا أمي، رأت حين ولدتني كأنها خرج منها نوراً ضاءت له قصور الشام " وحديث ميسرة الفجر: قلت يا رسول الله، متى كنت نبياً؟ وفي لفظ متى كتبت نبياً؟ قال " وآدم بين الروح والجسد " وهذا لفظ الحديث.

وأما قوله " كنت نبياً وآدم بين الماء والطين " فلا أصل له، لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث بهذا اللفظ وهو باطل، فإنه لم يكن بين الماء والطين إذ الطين ماء وتراب، ولكن لما خلق الله جسد آدم قبل نفخ الروح فيه كتب نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقدرها، كما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن خلق أحدكم يجعل في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات، فيقال: اكتب رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح " وروي أنه كتب اسمه على ساق العرش ومصاريع الجنة (١) فأين الكتاب والتقدير من وجود الحقيقة؟ وما يروي في هذا الباب من الأحاديث هو من هذا الجنس مثل كونه كان نوراً يسبح حول العرش أو كوكباً يطلع في السماء ونحو ذلك كما ذكره ابن حمويه صاحب ابن عربي وذكر بعضه عمر الملا في وسيلة المتعبدين وابن سبعين وأمثالهم ممن يروي الموضوعات


(١) اشار بقوله " يروي" إلى أن هذا ضعيف غير صحيح كالذي قبله وأما " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين " فانه باطل رواية ومعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>