للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدثني الفقيه الفاضل تاج الدين الزنباري أنه سمع الشيخ إبراهيم الجعبري يقول رأيت في منامي ابن عربي وابن الفارض وهما شيخان أعميان يمشيان ويتعثران ويقولن كيف الطريق؟ أين الطريق؟ وحدثني شهاب الدين المزي عن شرف الدين بن الشيخ نجم الدين بن الحكيم عن أبيه أنه قال قدمت دمشق فصادفت موت ابن عربي فرأيت جنازته كأنما ذر عليها الرماد فرأيتها لا تشبه جنائز الأولياء - أو قال - فعلمت أن هذا، وعن أبيه عن الشيخ إسماعيل الكوراني أنه كان يقول ابن عربي شيطان، وعنه أنه كان يقول عن الحريري أنه شيطان، وحدثني شهاب الدين عن القاضي شرف الدين الباربلي أن أباه كان ينهاه عن كلام ابن عربي وابن الفارض وابن سبعين.

فصل

في بعض ما يظهر به كفرهم، وفساد قولهم. وذلك من وجوه (أحدها) أن حقيقة قولهم: أن الله لم يخلق شيئاً ولا ابتدعه ولا برأه ولا صوره، لأنه إذا لم يكن وجود إلا وجوده فمن الممتنع أن يكون خالقاً لوجود نفسه، أو بارئاً لذاته، فإن العلم بذلك من أبين العلوم وأبدهها للعقول أن الشيء لا يخلق نفسه، ولهذا قال سبحانه (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون؟) فإنهم يعلمون أنهم لم يكونوا مخلوقين من غير خالق، ويعلمون أن الشيء لا يخلق نفسه فتعين أن لهم خالقاً، وعند هؤلاء الكفار الملاحدة الفرعونية أنه ما ثم شيء يكون الرب قد خلقه وبرأه أو أبدعه إلا نفسه المقدسة، ونفسه المقدسة لا تكون مخلوقة مربوبة مصنوعة مبروءة لامتناع ذلك في بدائه العقول، وذلك من أظهر الكفر عند جميع أهل الملل، وأما على رأي صاحب الفصوص فما ثم إلا وجوده والذوات الثابتة في العدم الغنية عنه، ووجوده لا يكون مخلوقاً والذوات غنية عنه فلم يخلق الله شيئاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>