للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الرحم (جنيناً) لكن ما الموجب للمني المتشابه الأجزاء أن يخلق منه هذه الأعضاء المختلفة والمنافع المختلفة على هذا الترتيب المحكم المتقن الذي فيه من الحكمة والرحمة ما بهر الألباب وكذلك ما الموجب لأن يكون الهواء أو البخار ينعقد سحاباً مقدراً بقدر مخصوص في وقت مخصوص على مكان يختص به وينزل على قوم عند حاجتهم إليه فيسقيهم بقدر الحاجة لا يزيد فيهلكوا ولا ينقص فيعوزوا. وما الموجب لأن يساق إلى الأرض الجرز التي لا تمطر أو تمطر مطراً لا يغنيها كأرض مصر أو كان المطر القليل لا يكفيها والكثير يهدم أبنيتها (١) قال تعالى (أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون) .

وكذلك السحاب المتحرك وقد علم أن كل حركة فإما أن تكون قسرية وهي تابعة للقاسر، أو طبيعية، وإنما تكون إذا خرج المطبوع من مركزه فيطلب عوده إليه أو إرادته وهي الأصل، فجميع الحركات تابعة للحركة الإرادية التي تصدر عن ملائكة الله تعالى التي هي المدبرات أمراً والمقسمات أمراً، وغير ذلك مما أخبر الله تعالى به عن الملائكة. وفي المعقول ما يصدق ذلك. فالكلام في هذا وأمثاله له موضع غير هذا.

والمقصود هنا أن نبين أن ما ذكر في السؤال زائل على كل تقدير فيكون الكلام في الجواب مبنياً على حجج علمية لا تقليدية ولا مسلمة، وإذا بينا حصول الجواب على كل تقدير كما سنوضحه لم يضرنا بعد ذلك أن يكون بعض التقديرات هو الواقع وأن كنا نعلم ذلك، لكن تحرير الجواب على تقدير دون تقدير وإثبات ذلك فيه طول لا يحتاج إليه هنا، فإن الجواب إذا كان حاصلاً على كل تقدير كان أحسن وأوجز.


(١) أن كون نزول المطر في كل أرض بقدر حاجة أهلها لا يزيد ولا ينقص غير مسلم والمعلوم بالمشاهدة خلافه فكثيراً ما يزيد فيحدث ضررا عظيما. أو ينقص فتهلك الزروع وتقل الغلال وتحدث المجاعات وقد علم البشر من سنن الله في ذلك
في عصرنا أكثر مما كان يعلم من قبلهم ولا يزالون يجهلون منها أضعاف ما عملوا

<<  <  ج: ص:  >  >>