وقال لثابت بن قيس " قد ضحك الله مما فعلت بضيفك البارحة " وقال فيما بلغنا عنه " إن الله يضحك من أز لكم وقنوطكم وسرعة إجابتكم "(١) وقال له رجل من العرب: إن ربنا يضحك؟ قال " نعم " قال: لن نعدم من رب يضحك خيراً. وفي أشباه لهذا مما لم نحصه. وقال تعالى (وهو السميع البصير، واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) وقال (ولتصنع على عيني) وقال (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) وقال (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) فو الله ما دلهم على عظم ما وصف به نفسه وما تحيط به قبضته الأصغر نظيرها منهم عندهم أن ذلك الذي ألقي في روعهم وخلق على معرفة قلوبهم. فما وصف الله من نفسه وسماه على لسان رسوله سميناه كما سماه، ولم نتكلف منه علم ما سواه لا هذا ولا هذا، لا تجحد ما وصف، ولا نتكلف معرفة ما لم يصف. انتهى.
وإذا كان كذلك فإذا قدر أن المخلوقات كالكرة فهذا قبضه لها ورميه بها.
وإنما بين لنا من عظمته وصغر المخلوقات بالنسبة إليه ما يعقل نظيره منا.
ثم الذي في القرآن والحديث يبين أنه إن شاء قبضها وفعل بها ما ذكر كما يفعل ذلك يوم القيامة، وإن شاء لم يفعل ذلك، فهو قادر على أن يقبضها ويدحوها كالكرة، وفي ذلك من الإحاطة بها ما لا يخفى، وإن شاء لم يفعل ذلك، وبكل حال فهو مباين لها ليس بمحايث لها.
ومن المعلوم أن الواحد من - ولله المثل الأعلى - إذا كان عنده خردلة إن شاء قبضها فأحاطت بها قبضته، وإن شاء لم يقبضها بل حولها تحته فهو في الحالتين مباين لها، وسواء قدر أن العرش هو محيط بالمخلوقات كإحاطة الكرة بما فيها أو قيل
(١) قال في النهاية: هكذا يروي في بعض الطرق. والمعروف " من إلكم" والأول والازل بالفتح الشدة والضيق كأنه أراد من شدة يأسكم وقنوطكم