في السماء أو الأرض، ورجلاً بالمغرب في السماء أو الأرض لم يكن أحدهما تحت الآخر، وسواء كان رأسه أو رجلاه أو بطنه أو ظهره أو جنبه مما يلي السماء أو مما يلي الأرض، وإذا كان مطلوب أحدهما ما فوق الفلك لم يطلبه الآخر إلا من الجهة العليا، لم يطلبه من جهة رجليه أو يمينه أو يساره. لوجهين: أحدهما أن مطلوبه من الجهة العليا أقرب إليه من جميع الجهات، فلو قدر رجل أو ملك يصعد إلى السماء أو إلى ما فوق كان صعوده مما يلي رأسه إذا أمكنه ذلك ولا يقول عاقل أن يخرق الأرض ثم يصعد من تلك الناحية، ولا أنه يذهب يميناً أو شمالاً أو أماماً أو خلفاً إلى حيث أمكن من الأرض ثم يصعد، لأن أي مكان ذهب إليه كان بمنزله مكانه أو هو دونه، وكان الفلك هناك فوقه، فيكون ذهابه إلى الجهات الخمس تطويلاً وتعباً من غيره فائدة، ولو أن رجلاً أراد أن يخاطب الشمس والقمر فإنه لا يخاطبه إلا من الجهة العليا، مع أن الشمس والقمر قد تشرق وقد تغرب فتنحرف عن سمت الرأس، فكيف بما هو فوق كل شيء دائماً لا يأفل ولا يغيب سبحانه وتعالى؟ وكما أن الحركة كحركة الحجر تطلب مركزها بأقصر طريق وهو الخط المستقيم، فالطلب الإرادي الذي يقوم بقلوب العباد كيف يعدل عن الصراط المستقيم القريب؟ ويعدل إلى طريق منحرف طويل؟ والله فطر عباده على الصحة والاستقامة إلا من اجتالته الشياطين فأخرجته عن فطرته التي فطر عليها.
الوجه الثاني أنه إذا قصد السفل بلا علو كان منتهى قصده المركز، وإن قصده أمامه أو وراءه أو يمينه أو يساره من غير قصد العلو كان منتهى قصده أجزاء الهواء فلا بد له من قصد العلو ضرورة، سواء قصد مع ذلك هذه الجهات أو لم يقصدها، ولو فرض أنه قال: أقصده من اليمين مع العلو، أو من السفل مع العلو كان هذا