المجرد (١)" ومثل تذليل النفوس له ومحبتها إياه ونحو ذلك. وكذلك ما كان من باب العلم والكشف قد يكشف لغيره من حاله بعض أمور، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في المبشرات " هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له " وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم " أنتم شهداء الله في الأرض ".
وكل واحد من الكشف والتأثير قد يكون قائماً به وقد لا يكون قائماً به بل يكشف الله حاله ويصنع له من حيث لا يحتسب، كما قال يوسف بن اسباط " ما صدق الله عبد إلا صنع له " وقال أحمد بن حنبل " لو وضع الصدق على جرح لبرأ " لكن من قام بغيره له من الكشف والتأثير فهو سببه أيضاً، وإن كان خرق عادة في ذلك الغير، فمعجزات الأنبياء وأعلامهم ودلائل نبوتهم تدخل في ذلك.
وقد جمع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم جميع أنواع المعجزات والخوارق. أما العلم والأخبار الغيبية والسماع والرؤية فمثل أخبار نبينا صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء المتقدمين وأممهم ومخاطباته لهم وأحواله معهم، وغير الأنبياء من الأولياء وغيرهم بما يوافق ما عند أهل الكتاب الذين ورثوه بالتواتر أو بغيره من غير تعلم له منهم، وكذلك إخباره عن أمور الربوبية والملائكة والجنة والنار بما يوافق الأنبياء قبله من غير تعلم منهم. ويعلم أن ذلك موافق لنقول الأنبياء، تارة بما في أيديهم من الكتب الظاهرة ونحو ذلك من النقل المتواتر، وتارة بما يعمله الخاصة من علمائهم، وفي مثل هذا قد يستشهد أهل الكتاب وهو من حكمة إبقائهم بالجزية وتفصيل ذلك ليس هذا موضعه.
فأخباره عن الأمور الغائبة ماضيها وحاضرها هو من باب العلم الخارق، وكذلك أخباره عن الأمور المستقبلة مثل مملكة أمته وزوال مملكة فارس والروم، وقتلا الترك، وألوف مؤلفة من الأخبار التي أخبر بها مذكور بعضها في كتب دلائل النبوة وسيرة الرسول وفضائله وكتب التفسير والحديث والمغازي، مثل دلائل النبوة
(١) كذا في الأصل بالجيم، ولعلها (المحرد، أو المحرب) بالحاء المهملة مع الدال أو مع الباء والله أعلم