ثم هل الدين محتاج إليها في الأصل، ولأن الإيمان بالنبوة لا يتم إلا بالخارق أو ليس بمحتاج في الخاصة بل في حق العامة؟ هذا نتكلم عليه.
وأنفع الخوارق الخارق الديني وهو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قال صلى الله عليه وسلم " ما من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة " أخرجاه في الصحيحين. وكانت آيته هي دعوته وحجته بخلاف غيره من الأنبياء. ولهذا يجد كثيراً من المنحرفين منا إلى العيسوية يفرون من القرآن والقال إلى الحال، كما أن المنحرفين منا إلى الموسوية يفرون من الإيمان والحال إلى القال، ونبينا صلى الله عليه وسلم صاحب القال والحال، وصاحب القرآن والإيمان.
ثم بعده الخارق المؤيد للدين المعين له، لأن الخارق في مرتبة (إياك نستعين) والدين في مرتبة (إياك نعبد) فأما الخارق الذي لم يعن الدين فإما متاع دنيا أو معبد صاحبه عن الله تعالى.
فظهر بذلك أن الخوارق النافعة تابعة للدين حادثة له كما أن الرياسة النافعة هي التابعة للدين، وكذلك المال النافع، كما كان السلطان والمال بيد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فمن جعلها هي المقصودة وجعل الدين تابعاً لها ووسيلة إليها لا لأجل الدين في الأصل فهو يشبه بمن يأكل الدنيا بالدين، وليست حاله كحال من تدين خوف العذاب أو رجاء الجنة فإن ذلك مأمور به وهو على سبيل نجاة وشريعة صحيحة.
والعجب أن كثيراً ممن يزعم أن همه قد ارتفع وارتقى عن أن يكون دينه خوفاً من النار أو طلباً للجنة يجعل همه بدينه أدنى خارق من خوارق الدنيا ولعله اجتهاداً عظيماً في مثله وهذا عرف، ولكن منهم من يكون قصده