للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلم إلا بالإجماع، وجعلوا الطريق التي بها نفوا عنه ما نفوه إنما هو نفي مسمى الجسم ونحو ذلك، وخالفوا ما كان عليه شيوخ متكلمة الصفاتية كالأشعري والقاضي وأبي بكر وأبي إسحاق ومن قبلهم من السلف والأئمة في إثبات السمع والبصر والكلام له بالأدلة العقلية وتنزيهه عن النقائص بالأدلة العقلية، ولهذا صار هؤلاء يعملون في إثبات هذه الصفات على مجرد السمع ويقولون إذا كنا نثبت هذه الصفات بناء على نفي الآفات، ونفي الآفات إنما يكون بالإجماع الذي هو دليل سمعي، والإجماع إنما يثبت بأدلة سمعية من الكتاب والسنة، قالوا والنصوص المثبتة للسمع والبصر والكلام أعظم من الآيات الدالة على كون الإجماع حجة، فالاعتماد في إثباتها ابتداء على الدليل السمعي الذي هو القرآن أولى وأحرى. والذي اعتمدوا عليه في النفي من نفى مسمى التحيز ونحوه - مع أنه بدعة في الشرع لم يأت به كتاب ولا سنة ولا أثر عن أحد من الصحابة والتابعين - هو متناقض في العقل لا يستقيم في العقل، فإنه ما من أحد ينفي شيئاً خوفاً من كون ذلك يستلزم أن يكون الموصوف به جسماً إلا قيل له فيما أثبته نظير ما قاله فيما نفاه، وقيل له فيما نفاه نظير ما يقوله فيما أثبته، كالمعتزلة لما أثبتوا أنه حي عليم قدير، وقالوا أنه لا يوصف بالحياة والعلم والقدر

والصفات لأن هذه أعراض لا يوصف بها إلا ما هو جسم ولا يعقل موصوف إلا جسم. فقيل لهم: فأنتم وصفتموه بأنه حي عليم قدير ولا يوصف شيء بأنه عليم حي قدير إلا ما هو جسم، ولا يعقل موصوف بهذه الصفات إلا ما هو جسم، فما كان جوابكم عن الأسماء كان جوابنا عن الصفات. فإن جاز أن يقال ما يسمى بهذه الأسماء ليس بجسم، جاز أن يقال فكذلك يوصف بهذه الصفات ما ليس بجسم، وأن يقال: هذه الصفات ليست أعراضاً، وإن قيل لفظ الجسم مجمل أو مشترك وأن المسمى

<<  <  ج: ص:  >  >>