للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجتمع، أو ما جمع الجواهر الفردة أو المادة والصورة، أو ما أمكن مفارقة بعضه لبعض، فلا نسلم المقدمة الأولى ولا نسلم أن إثبات الوجه واليد مستلزم للتركيب بهذا الاعتبار، وإن أريد به التلازم على معنى امتياز شيء عن شيء في نفسه وأن هذا ليس هذا، فهذا لازم له في الصفات المعنوية المعلومة بالعقل كالعلم والقدرة والسمع والبصر، فإن الواحدة من هذه الصفات ليست هي الأخرى بل كل صفة ممتازة بنفسها عن الأخرى، وإن كانتا متلازمتين يوصف بهما موصوف واحد. ونحن نعقل هذا في صفات المخلوقين كأبعاض الشمس وأعراضها. وأيضاً فإن أريد أنه لا بد من وجود ما بالحاجة والافتقار إلى مباين له فهو ممنوع، وإن أريد أنه لا بد من وجود ما هو داخل في مسمى اسمه وأنه يمتنع وجود الواجب بدون تلك الأمور الداخلة في مسمى اسمع فمعلوم أنه لا بد من نفسه فلا بد له مما يدخل في مسماها بطريقة الأولى والأحرى. وإذا قيل هو مفتقر إلى نفسه لم يكن معناه أن نفسه تفعل نفسه. فكذلك ما هو داخل فيها ولكن العبارة موهمة مجملة فإذا فسر المعنى زال المحذور. ويقال أيضاً: نحن لا نطلق على هذا اللفظ الغير فلا يلزمه أن يكون محتاجاً إلى الغير، فهذا من جهة الإطلاق اللفظي، وأما من جهة الدليل العلمي فالدليل دل على وجود موجود بنفسه لا فاعل ولا علة فاعلة وأنه مستغن بنفسه عن كل ما يباينه. أما الوجود الذي لا يكون له صفة ولا يدخل في مسمى اسمه معنى من المعاني الثبوتية فهذا إذا ادعى المدعي أنه المعني بوجوب الوجود وبالغني، قيل له لكن هذا المعني ليس هو مدلول الأدلة، ولكن أنت قدرت أن هذا مسمى الاسم، وجعل اللفظ دليلاً على هذا المعنى لا ينفعك إن لم يثبت أن المعنى حق في نفسه، ولا دليل على ذلك بل الدليل يدل على نقيضه. فهؤلاء عمدوا إلى لفظ الغني والقديم والواجب بنفسه فصاروا يجعلونها على معاني (١) تستلزم معاني تناقض ثبوت الصفات وتوسعوا في التعبير ثم ظنوا أن هذا الذي فعلوه هو موجب الأدلة العقلية وغيرها. وهذا غلط منهم. فموجب الأدلة العقلية لا يتلقى من مجرد التعبير، وموجب الأدلة السمعية


(١) كذا في الأصل والمراد أنهم يطلقونها على مسميات مخترعة محدثة

<<  <  ج: ص:  >  >>