واسم المنتقم ليس من أسماء الله الحسن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما جاء في القرآن مقيداً كقوله تعالى (إنا من المجرمين منتقمون) وقوله (إن الله عزيز ذو انتقام) والحديث الذي في عدد الأسماء الحسنى الذي يذكر فيه المنتقم وذكر في سياقه " البر التواب المنتقم العفو الرؤوف " ليس هو عند أهل المعرفة بالحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هذا ذكره الوليد بن مسلم عن بعض شيوخه ولهذا لم يروه أحد من أهل الكتب المشهورة إلا الترمذي، رواه من طريق الوليد بن مسلم بسياق، ورواه غيره باختلاف في الأسماء وفي ترتيبها يبين أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. وسائر من روى هذا الحديث عن أبي هريرة ثم عن الأعرج ثم عن أبي الزناد لم يذكروا أعيان الأسماء، بل ذكروا قوله صلى الله عليه وسلم " إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة " وهكذا أخرجه أهل الصحيح كالبخاري ومسلم وغيرهما، ولكن روي عدد الأسماء من طريق أخرى من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة ورواه ابن ماجه وإسناده ضعيف يعلم أهل الحديث أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وليس في عدد الأسماء عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذان الحديثان كلاهما مروي من طريق أبي هريرة وهذا مبسوط في موضعه (١) .
والمقصود هنا التنبيه على أصول تنفع في معرفة هذه المسئلة فإن نفوس بني آدم لا يزال يجول فيها من هذه المسئلة أمر عظيم.
وإذا علم العبد من حيث الجملة أن لله فيما خلقه وما أمر به حكمة عظيمة كفاه هذا، ثم كلما ازداد علماً وإيماناً ظهر له من حكمة الله ورحمته ما يبهر عقله ويتبين له تصديق ما أخبر الله به في كتابه حيث قال (سنريهم آياتنا في الآفاق
(١) ملخص كلامه أن الانتقام من أفعاله التي لم يثبت له منها اسم. ونقول أنه في اللغة التي ورد بها القرآن بمعنى الجزاء والقصاص لا يعم معنى الظلم كما يستعمله الناس