الوجه الثامن أن يقال هذا المطلوب لو كان حقاً لكان أجل من أن يحتج عليه بلفظ محتمل في خبر لم يروه إلا واحد، ولكان ذكر هذا في القرآن والسنة من أهم الأمور لحاجة الناس إلى معرفة ذلك لما وقع فيه من الاشتباه والنزاع واختلاف الناس، فلما لم يكن في السنة ما يدل على هذا المطلوب لم يجز إثباته بما يظن أنه معنى الحديث بسياقه وإنما سمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " كان ولا شيء معه " فظنوه لفظاً ثابتاً مع مجرده عن سائر الكلام الصادر عن النبي صلى الله عليه وسلم وظنوا معناه الإخبار بتقدمه تعالى على كل شيء، وبنوا على هذين الظنين نسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليس عندهم بواحدة من المقدمتين علم بل ولا ظن يستند إلى إمارة، وهب أنهم لم يجزموا بأن مراده المعنى الآخر فليس عندهم بأنه قاله. وقد قال تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم) وقال تعالى (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) . وهذا كله لا يجوز.
الوجه العاشر أنه قد زاد فيه بعض الناس " وهو الآن على ما عليه كان " وهذه الزيادة إنما زادها بعض الناس من عنده، وليست في شيء من الروايات. ثم إن منهم من يتأولها على أنه ليس معه الآن موجود بل وجوده عين وجود المخلوقات كما يقوله أهل وحدة الوجود الذين يقولون عين وجود الخالق هو عين وجود المخلوق، كما يقوله ابن عربي وابن سبعين والقونوي والتلمساني وابن الفارض ونحوهم. وهذا القول مما يعلم بالاضطرار شرعاً وعقلاً أنه باطل.
الوجه الحادي عاشر إن كثيراً من الناس يجعلون هذا عمدتهم من جهة السمع: أن الحوادث لها ابتداء وأن جنس الحوادث مسبوق بالعدم إذا (١) لم يجدوا