والثاني أنه أطلع بيع الثمرة ولم يقل قبل بدو صلاحها فأما تقييده ببيعها قبل بدوصلاحها فلا وجه له.
الثالث أنه قيد ذلك بحال الجائحة، وبيع الثمر قبل بدو صلاحها لا يجب فيه ثمن بحال.
الرابع أن المقبوض بالعقد الفاسد مضمون، فلو كان الثمر على الشجر مقبوضاً لوجب أن يكون مضموناً على المشتري في العقد الفاسد. وهذا الوجه يوجب أن يحتج بحديث أنس على وضع الجوائح في البيع الصحيح. كما توضع في البيع الفاسد، لأن ما ضمن في الصحيح ضمن في الفاسد، وما لا يضمن في الصحيح لا يضمن في الفاسد.
وأما قولهم: إنه تلف بعض القبض فممنوع، بل نقول ذلك تلف قبل تمام القبض وكماله، بل وقبل التمكن من القبض، لأن البائع عليه تمام التربية من سقي الثمر، حتى لو ترك ذلك لكان مفرطاً، ولو فرض أن البائع فعل ما يقدر عليه من التخلية فالمشتري إنما عليه أن يقبضه على الوجه المعروف المعتاد. فقد وجد التسليم دون تمام التسلم. وذلك أحد طرفي القبض. ولم يقدر المشتري إلا على ذلك. وإنما على المشتري أن يقبض المبيع على الوجه المعروف المعتاد الذي اقتضاه العقد، سواء كان القبض مستعقباً للعقد أو مستأخراً وسواء كان جملة أو شيئاً فشيئاً.
ونحن نطرد هذا الأصل في جميع العقود، فليس من شرط القبض أن يستعقب العقد، بل القبض يجب وقوعه على حسب ما اقتضاه العقد لفظاً وعرفاً، ولهذا يجوز استثناء بعض منفعة المبيع مدة معينة وإن تأخر بها القبض على الصحيح، كما يجوز بيع العين المؤجرة، ويجوز بيع الشجر واستثناء ثمره للبائع، وإن تأخر معه كمال القبض. ويجوز عقد الإجارة لمدة لا تلي العقد.
وسر ذلك أن القبض هو موجب العقد فيجب في ذلك ما أوجبه العاقدان يحسب قصدهما الذي يظهر بلفظهما وعرفهما. ولهذا قلنا أن شرطا تعجيل