للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنها أمر مضاد لمعنى الإنسانية، ومضاد بالتالي للشرع وقانون البلاد، يرى الشيخ محمد عبده أن الراشي والمرتشي شركاء في هذه الجريمة الخلقية، بل يرى أن نصيب الراشي في ذلك أكبر!! وحينئذ فما يلحق الراشي من اللوم أشد مما يلحق المرتشي وإن كان كل منهما مجرما؛ لأن الأول ضيع ماله واسترسل مع الجبن وضعف مع الوهم في مقام يستوي فيه الحاكم والمحكوم أمام القانون، وأمال المرتشي لأخذ الرشوة وقوى طمعه ودله على الشر وكلف نفسه بما لم يكلف به"!! ١

- عدم المبالاة بالمصلحة العامة: ومما عابه كذلك على المجتمع المصري -وكذلك المجتمع الشرقي الإسلامي- عدم المبالاة بالمصلحة العامة. "فانظر إلى هذه الحال الرديئة التي نشأت من تفرق القلوب، وانقطاع التواصل بين النفوس! فلا يهتم واحد بعمل يشترك في منفعته مع آخر وإن كان يتحقق الضرر لنفسه بتركه، كأن اشتراك الغير في المنفعة صيرها مضرة وينبغي اجتنابها!! وكان من الواجب أن الاشتراك يدعو إلى التعاون والقوة بدل التهاون والانحطاط. فكأنهم سلبوا الخواص الطبيعية التي لإنسان الجبال والغابات"٢.

- وأخيرا يتحدث عما سماه فقدان ملكة "حفظ الماضي" والاحتفاظ بملكة الحقد والضغينة.

وهنا يتحدث الشيخ محمد عبده عن الرسوم والتماثيل على أنها: "قد حفظت من أحوال الأشخاص في الشئون المختلفة، ومن أحوال الجماعات في المواقع المتنوعة، ما تستحق به أن تسمى ديوان الهيئات والأحوال البشرية!! وهي التي تسمى في العرف الحديث: متاحف الأمم أو الحضارة الإنسانية. فهي وسيلة فائدتها محققة لا نزاع فيها".

وهو لذلك يرى: "أن الشريعة الإسلامية أبعد من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم، وبعد تحقيق أنه لا خطر فيها على الدين: لا من جهة العقيدة ولا العمل"٣!!


١ تاريخ الإمام: ج٢ صفحة ٨٥.
٢ تاريخ الإمام: ج٢ صفحة ٦٨.
٣ تاريخ الإمام: ج٢ صفحة ٥٠١.

<<  <   >  >>