رأينا الآن، أن الإسلام منذ الاستعمار الغربي للبلاد الإسلامية في آسيا وإفريقيا، من منتصف القرن التاسع عشر حتى اللحظة القائمة، يواجه صليبية هذا الاستعمار جنبا إلى جنب مع مواجهة سلطانه السياسي والاقتصادي ...
وهذه الصليبية ليست المسيحية السمحة، وإنما هي "روح الانتقام" من الإسلام: تلك الروح التي بعثت فيما مضى على الحروب الدامية في القرون الميلادية الثلاثة: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، محاولة الاستيلاء على بيت المقدس، وبقيت منذ هزيمتها الكبرى على يد "الناصر صلاح الدين" مصاحبة لعقلية الغرب في عرضه للإسلام، وفي تصرفاته مع المسلمين على السواء، ولم تزل فيه باقية صحبة هذه العقلية حتى اليوم.
وبعد انتشار الفكر المادي الإلحادي الغربي في بلاد الشرق الإسلامي منذ أعقاب الحرب العالمية الأولى، واجه الإسلام -بالإضافة إلى مواجهته الصليبية السابقة- حملة هذا الفكر ومذاهبه، ولم يزل يواجهه في وقتنا الحاضر، وبالأخص "الماركسية" الإلحادية.
ورأينا أيضا، أن هذه المواجهة كانت على حساب الإسلام مرة، وفي جانبه مرة أخرى.
أما في المرأة التي كانت على حسابه:
فكانت إصابته من هذه المواجهة إصابة عنيفة:
إذ حلت العصبيات الشعوبية محل الرباط الإسلامي العام، وبرزت الحدود والفواصل وخلقت خلقا في الوطن الإسلامي، دون أن تعتمد اعتمادا دقيقا على المكان الجغرافي أو خصائص الجنس، وإنما تعتمد أولا وبالذات على الحدود، "المفترضة" التي وضعها المستعمر وقواها، حتى يحول دون