لم يستطيع الاستعمار الغربي أن ينفرد بالتوجيه داخل الشعوب الإسلامية, رغم ما بذله في سبيل تفرده بذلك من مال وسلطة ودهاء في السياسة، وتبشير بالفكر الأوروبي وبالمسيحية، وتيئيس للمسلمين في صور شتى: في مستقبلهم، وفي علاقتهم بإسلامهم.. بل وجد مقاومة له ومعارضة لذلك الاتجاه الفكري الذي خلقه أو أوصى به.
أخذت المقاومة للاستعمار الغربي طابعا سياسيا، ولكن قامت على توجيه إسلامي وعلى فكر إسلامية أصيلة. وتكون من هذا التوجيه، وهذه الفكر الإسلامية الأصيلة معا، ما نسميه:"بالاتجاه الفكري الإسلامي المقاوم للاستعمار الغربي".
ولكان لا بد لهذا الاتجاه أن ينقد الاتجاه الآخر المقابل له، وينقد عناصره الفكرية: سواء من الوجهة المنطقية الإنسانية، أم من الوجهة الإسلامية، وفي الوقت الذي يقوم فيه بالنقد كان لزاما عليه كذلك أن يعرض خطة عملية لمقاومته، ومقاومة الداعين له والمساعدين على الدعوة إليه.
ولذلك نرى هذا الازدواج في الدعوة إلى مقاومته: نرى نقدا نظريا، ومنهجا عمليا.. وبعبارة أخرى نرى: سياسة، ودينا.
أما النقد النظري: فيعرض لمثالب العناصر الفكرية أو المذهبية التي تعين الاستعمار في استعماره ... فنرى: نقدا لحركة السيد أحمد خان، ونقدا آخر للقاديانية، ونقدا ثالثا للاستشراق الغربي الذي ألبس ثوب العلم. ونرى الناقدين لهذه العناصر يضعون منهجا فكريا آخر لتقوية المسلمين في معارضتهم للاستعمار، وفي صلتهم بالإسلام وفهمهم لمبادئه، فهما يمكنهم من السير في الحياة القائمة.
- نرى "جمال الدين الأفغاني": يحمل على السيد أحمد خان، وينقد اتجاهه الطبيعي نقدا مرا في كتاب سماه:"الرد على الدهريين". وفي الوقت نفسه يدعو المسلمين جميعا إلى العودة إلى القرآن الكريم، ونبذ الخصومة المذهبية، والرجوع إلى حال المسلمين الأول، قبل انفصال الرتبة العلمية عن رتبة الخلافة وقتما قنع العباسيون باسم