الصراع بين الدين والعقل والحس في تاريخ الفكر الأوروبي:
مضت على التفكير الأوروبي منذ القرن الرابع عشر إلى الآن مراحل شهدت فيها العقلية الأوروبية صراعا فكريا، واتجاهات عقلية مختلفة، تدور حول "تبرير" مصادر المعرفة التي عرفتها البشرية في تاريخها حتى الوقت الحاضر، وهي: الدين، والعقل، والحس أو الواقع، وفي كل مرحلة من هذه المراحل ينشأ سؤال عن "قيمة" أي واحد من هذه الثلاثة, كمصدر للمعرفة المؤكدة أو اليقينية، ثم يكون الجواب على هذا السؤال إيجابا أو سلبا، ومن السؤال وما يدور حوله من جدل وأخذ ورد، تتكون المذاهب الفلسفية التي تعبر عن قيمة المصدر، الذي وضع للاختبار والتقدير.
سيادة النص أو الدين:
كان "الدين" أو "نص" سائدا طوال القرون الوسطى في توجيه الإنسان، سواء في سلوكه وتنظيم جماعته، أو في فهمه للطبيعة، وكان يقصد بالدين:"المسيحية" وكان يراد من المسيحية: "الكثلكة" وكانت الكثلكة تعبر عن "البابوية".
والبابوية نظام كنسي ركز "السلطة العليا" باسم الله في يد البابا. وقصر حق تفسير "الكتاب المقدس" على البابا وأعضاء مجلسه من الطبقة الروحية الكبرى، وسوى الاعتبار بين نص الكتاب المقدس ومفاهيم الكنيسة الكاثوليكية.. وجعل عقيدة "التثليث" عقيدة أصيلة في المسيحية كما جعل "الاعتراف بالخطأ" و"صكوك الغفران" من رسوم العبادة ... وغير ذلك مما يتصل بالكاثوليكية كمذهب وكنظام لاهوتي.