أما النزعة الثانية في دراسة الغربيين للإسلام والثقافة الإسلامية, وهي تأكيد الروح الصليبية فتتضح أيما وضوح في كتابة المستشرقين الفرنسيين! فكتاباتهم لا تنبئ فحسب عن ميل لإضعاف المسلمين، بل تنم عن حقد على المسلمين، وعن سخرية وتهكم برسول الله -صلى الله عليه وسلم، وررسالته الإلهية.
نعم ... قام أساس الاستشراق على أن الإسلام من صنع محمد، فالإسلام دين بشري، وعلى أن الرسول لفق فيه من المسيحية واليهودية، وأنه حرف في نقله تعاليم هاتين الديانتين؛ إما لأنه لم يستطع فهمها كما يذكرون؛ وإما لأن نفسه لم ترتفع إلى مستوى عيسى حتى يستصوره على حقيقته، ولذلك أنكر محمد على عيسى أنه ابن الإله، وبالتالي أنكر التثليث، وتشبث بالتوحيد وببشرية الرسول. نعم: قام الاستشراق على مثل هذا الأساس، ولكن المستشرقين يختلفون فيما بينهم في تصوير آرائهم، وفي تقرير شروحهم لمبادئ الإسلام، وأشدهم حدة وعاطفة وهوى جامحا، وحيدة عن أدب الكتابة، فضلا عن البعد عن الأسلوب العلمي في الدراسة