للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحكمة، مستشرقو فرنسا، ومستشرقو الكثلكة على العموم في أوروبا وأمريكا.

ولو فتشنا عن السبب لوجدناه في احتضان فرنسا للكثلكة، وفي زعماتها للحملات الصليبية الماضية لاسترداد بيت المقدس من البرابرة "المسلمين".

فروح الصليبية لم تزل حية في نفوس الفرنسيين، ولم يزالوا يصدرون عنها في أحكامهم عن الإسلام والمسلمين، وفي معاملاتهم للمسلمين كذلك. الخاضعين لاستعمارهم أو لسيطرتهم بوجه ما، وفي توجيه سياستهم نحو المسلمين الخارجين عن نفوذهم!

لم أر في دراستي للاستشراق حتى الآن مسيحيا بروتستنتيا عالج التراث الإسلامي بأسلوب الكاثوليكي، ولا بروحه الحاقدة الجامحة!

يقول "كيمون" المستشرق الفرنسي في كتابه "باثولوجيا الإسلام": "إن الديانة المحمدية جذام تفشى بين الناس وأخذ يفتك بهم فتكا ذريعا، بل هي مرض مريع، وشلل عام، وجنون ذهولي يبعث الإنسان على الخمول والكسل، ولا يوقظه منهما إلا ليسفك الدماء، ويدمن على معاقرة الخمور ويجمح في القبائح، وما قبر محمد إلا عمود كهربائي يبعث الجنون في رءوس المسلمين، ويلجئهم إلى الإتيان بمظاهر الصرع العامة والذهول العقلي، وتكرار لفظة "الله" إلى ما لا نهاية، والتعود على عادات تنقلب إلى الطباع أصيلة: ككراهة لحم الخنزير والنبيذ، والموسيقى، وترتيب ما يستنبط من أفكار القسوة والفجور في الذات ... "١.

هذا الاتجاه من اتجاهي الفكر الإسلامي الحديث في صلته بالاستعمار الغربي: هو الاتجاه الممالئ للاستعمار والممهد لحكمه والرضاء به، سواء أكان من المسلمين أنفسهم أو من غيرهم؛ لأن تفكير غير المسلمين في هذا الاتجاه لم يبق منفصلا ولا بعيدا عن العقلية الإسلامية داخل البلاد الإسلامية. بل كان أهم رافد لتبلور هذا الاتجاه نفسه بين المسلمين، وأن الحديث عن


١ تاريخ الإمام: ج٢ ص٩.

<<  <   >  >>