للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الدين، لم ينقدوه إلا لتصفيته من العقائد غير المعقولة، في عصر تيقظ الإنسان فيه إلى قيمة نفسه.

لقد حاربوا التثليث، وعقيدة ألوهية عيسى، والاعتقاد بعصمة البابا وبسلطانه الزمني ... ولم ينقدوا "الإيمان" في أصله، بل نقدوا الطارئ عليه، مما لا يستقيم مع العقل الإنساني الواضح.. مما سيكون موضع تفصيل في حديثنا عن المشكلة التالية: الدين "مخدر"، حتى يتضح موضوع النزاع على حقيقته في الفكر الأوروبي.

ولكن هنا في مصر والشرق الإسلامي، عندما ارتضى "المجددون" لأنفسهم أن يكونوا مرددين لمفكري الغرب، رددوا هجوما على دين ليس ثمة داع لمهاجمته "وهو الإسلام" لأنهم قرءوا ما يشبه الهجوم على المسيحية باسم النقد العلمي أو العقلي!!

فعندما أراد المجددون في مصر أن يقفوا على قدم المساواة مع الغربيين الأحرار -كما فعل صاحب "مستقبل الثقافة في مصر! "- رأوا من المساواة في الوقوف على قدم واحد معهم: أن ينقلوا عيب الغربيين المغرضين للإسلام، وأن يغمضوا ويبهموا فيما ينقلونه باسم الفكر التجريبي أو الاسمي، حتى يكون منهم في تجديدهم في الفكر انتقاص للإسلام، وبذلك يتساوون في الوقوف على قدم واحدة، وهي توجيه الملام والعيب للدين!!

والتساوي في الوقوف مع الإنسان الحر في البحث، هو أن لا تطغى عليه عاطفة فيما يبحث، وأن يكون صريحا في الحديث عن عاطفته -إذا تملكته هذه العاطفة في البحث- دون أن يغمط شأنها أو يرهق "الحرية في البحث" يوم يدعو من وراء ستار إلى ما يرى أو يرغب.

<<  <   >  >>