الوحي الإلهي، ولكنهم عبروا بأنه ما ليس بوحي هو ما لا يستطيع العقل أن يفهمه، وتطبيقا لهذا اعتبروا ما جاء في كتب العقيدة المسيحية من التثليث، ومن جعل المسيح إلها إنسانيا -في وقت واحد- غير وحي.
ثم رأوا أن ما أوحى به الله له طابع القانون، ويجب العمل به. والدين لا يبقى في حيز الفكرة النظرية, بل هو خضوع تام للقانون الإلهي، هو عمل وسلوك طبقا لهذا القانون؛ لأنه طالما كان القانون الإلهي غير مؤسس على الأغراض الشخصية بل هو عام للإنسانية، يجب أن ينفذه الشخص؛ لأن في تنفيذه مصلحته ومصلحة غيره.
وفي القرن التاسع عشر أسس الفيلسوف الألماني "فريدريك هيرش جاكوبي" Friedrick Heirich Hacobi فلسفته التي سماها "فلسفة الإيمان" وجعلها في مقابل فلسفة "كانت" في "نقد العقل الخالص".
وتقول هذه الفلسفة: إن فينا عقلا مباشرا من الله، ذلك الذي صنع للإنسان طبيعته الخاصة، وواهب هذا العقل وهو الله، يعيش في قلوبنا حاضرا, كما تتمثل الطبيعة أمام حواسنا الخارجية.. هو:"ضوء في قلبي، ولكن عندما أريد إحضاره في العقل ينطفئ"!! أي: إن العقل لا يستطيع أن يحده وإن كان يملأ فراغ القلب بالإدراك الوجداني.
وجاء "هيجل" Hegel في القرن التاسع عشر أيضا، وأقام فلسفة خاصة به على أساس مما سماه "الفكرة" ... ووصل بهذه الفلسفة الخاصة إلى وحدانية الله، وبذلك أغضب الكنيسة الكاثوليكية بإنكار التثليث في الألوهية! ويقول "هيجل" معلقا على الحركة الفكرية لـ"كانت": "في ألمانيا دارت هذه التمثيلية الخاصة، وهي: أن الشعب المثقف هو شعب من غير ميتافيزيقا، وأن المعبد الذي استكمل زينته وزخرفته هو المعبد الذي خلا من أقدس المجودات".
وعلى غرار هيجل، قام شلنج Schelling بعمل فلسفي سمي بالفلسفة "البنائية" وهي فلسفة تهدف إلى إقرار مذهب الوحدة في الألوهية.
وهنا نجد، من دفاع هؤلاء الفلاسفة عن الدين، ومن محاولاتهم الفلسفية لإصلاحه، أن الدين تجاوزوا من فلاسفة الغرب بنقدهم الميتافيزيقا