للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلمي. كما رأينا في تاريخ "التجريبيين" و"الوضعيين" أنهم في فترة طويلة صانوا الدين عن النقد، ثم مسوه بعد أن قام كومت Comte ومن بعده فيرباخ Feuerpach على تدعيم "المذهب التجريبي" باسم "الفلسفة الوضعية" لكن لمذا تجاوز النقد في أوروبا الميتافيزيقا إلى الدين؟

يمكننا أن نقف على هذا السؤال من عمل الفلاسفة الذين قاموا في القرنين السابع عشر والتاسع عشر بمحاولة عقلية فلسفية للاحتفاظ بقدسية الدين، وقيمة الوحي ... وسنرى أن السبب في ذلك هو الرغبة في مقاومة نفوذ الكنيسة الكاثوليكية أولا وليس في مقاومة الإيمان في ذاته.

في القرن السابع عشر قام "سبينوزا" Spinoza ١، و"ليبنيتز" Leibniz٢ و"لوك" Locke٣ ...

وأراد ثلاثتهم أن يجمعوا الطوائف المسيحية الثلاث في أوروبا الغربية -طوائف الكاثوليك، وأتباع لوثر، والمصلحين- على أساس من التعاليم الأصيلة للمسيحية وابتدعوا لهذه المحاول ما سموه "بنظام العقيدة" ... وكتب "لوك" خطابات ثلاثة عن "التسامح" وعبر عن هذا التسامح في كلمته المعروفة "كنيسة حرة، في دولة حرة".

وتحولت هذه المحاولة من الوجهة النظرية -عند الفلاسفة الثلاثة- إلى القيام بتعليل عقلي لـ"مسيحية عامة صافية"، وأطلقوا على هذا التعليل "دين الطبيعة" أو "دين العقل"، وجعل أساس هذا الدين: الإيمان الكامل بالوحي الإلهي, وعرفوا الوحي الإلهي بأنه ما كان فوق العقل البشري، لكنه ينسجم مع العقل، أي: إن الذي يعتبر وحيا هو ما لا يستطيع العقل أن يجده في نفسه، ولكن مع ذلك يمكن له أن يفهمه في وفاق وانسجام مع تفكيره الصحيح.

وقد زاد جماعة السوسينيين Socinienes٤ في تأكيد وجود


١ عاش بين سنتي ١٦٣١-١٦٧٧.
٢ عاش بين سنتي ١٦٤٦-١٧١٦.
٣ عاش بين سنتي ١٦٣٢-١٧٠٤.
٤ أتباع الفيلسوف الإيطالي Socin في القرن السادس عشر "١٥٢٥-١٥٦٢" وقد كان ضد الكثلكة.

<<  <   >  >>