وبهذا نشأ في التفكير الإسلامي -منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر-اتجاهان:
- أحدهما: لممالأة الاستعمار الغربي في "تقريب الإسلام من المسيحية" أو في تبديله إلى توجيه ديني يرضى عنه المستعمر.
- والثاني: لمقاومة هذا التقريب أو هذا التبديل، مع الدعوة إلى احتفاظ المسلمين بإسلامهم كما يصوره القرآن والسنة, وإلى إعادة تماسك الجماعة الإسلامية، والسعي إلى استقلالها، وعدم انصهار المسلمين في غيرهم.
وبانتهاء القرن التاسع عشر تم تبلور هذين الاتجاهين، وعرفت أسسهما في العالم الإسلامي، وأصبح لكل منهما أتباع وأنصار.
جاء القرن العشرون، واستمرت أيضا الثنائية في اتجاه التفكير الإسلامي، ولكن أحد الاتجاهين عرف باسم "التجديد" بينما عرف الاتجاه الآخر باسم "الاتجاه الإصلاحي" أو اتجاه تجديد المفاهيم الدينية.
- فاتجاه التجديد: سار في طريق خدمة الاستعمار الغربي -ولكن من غير قصد مباشر- على نحو ما سار الاتجاه المعاون له في النصف الأخير من القرن الماضي، فحركة "التجديد" في الفكر الإسلامي التي ظهرت في الشرق الإسلامي منذ بداية القرن العشرين، تعتبر "تقليدا" للدراسات الإسلامية في تفكير المستشرقين الغربيين، ثم أضيف إلى هذا التقليد فيما بعد -منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بعد أن تهيأ الجو في الشرق الإسلامي للحديث عن الإلحاد في مواجهة الإسلام والمسلمين- ترديد للفكر الإلحادي المادي الغربي، وهو التفكير الوضعي والماركسي.
ودراسة المستشرقين للإسلام قامت أولا بوحي من الكنيسة الكاثوليكية خاصة، للانتقاص من تعاليم الإسلام وإهدار قيم تعاليمه، حرصا على مذهب "الكثلكة" من جانب، وتعويضا عن الهزائم الصليبية في "تحرير" بيت المقدس من جانب آخر! ثم تبني الاستعمار الغربي هذه الدراسة في الجامعات الغربية نفسها، حتى يقوى القائمون بأمرها على تصديرها إلى الشرق