للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عارضت الساسية تعارفهم فإنه يسهل من إزالة معارضتها مع التقارب والعلم، ما لا يسهل عليهم مع التقاطع والجهل"١!

كان أمل الشيخ محمد عبده في حياته إذن بعد تفكيره الذي وضح خطوطه: هو إصلاح الأزهر! عادى خديوي مصر "عباس الثاني" من أجل الأزهر، ومن أجل أوقاف المسلمين "وقف الجيزة" على كتاب الله! واتصل بكرومر الحاكم غير الشرعي من أجل الأزهر وأوقاف المسلمين، على كتاب الله! ومات أخيرا، وهو صريع الكفاح من أجل الأزهر وكتاب الله!

ودعا الأزهريين إلى فهم كتاب الله.. إلى نبذ التقليد ... إلى الرجوع إلى كتب المتقدمين.. إلى فهم الحياة الواقعية ... "إلى السير مع السائرين فيها ... إلى عرض الإسلام بعقلية العصر وأسلوب العصر ... أنه يقول:

"إن العالم المسلم لا يمكنه أن يخدم الإسلام، من كل وجه يقتضيه حال هذا العصر، إلا إذا كان متقنا للغة من لغات العلم الأوروبية، تمكنه من الاطلاع على كتب أهلها في الإسلام وأهله، ومن مدح وذم"٢.

وقد رسم محمد عبده خطة المناهج: لتخريج الدعاة، وتخريج المؤلفين، وتخريج العلماء الباحثين، ونفذ هذه الخطة في دروسه، وتواليفه للخاصة والجمهور، وفي إحيائه للتراث القديم.

ولكن الأزهريين قاوموا الشيخ محمد عبده ... اتهموه في إيمانه، وفي دينه! اعتبر الأزهريون إيمان الشيخ محمد عبده ضعيفا, واعتبروا دينه رقيقًا وطال الأمد على هذا الظن، حتى تحول الاتجاه عن محمد عبده، وعن إصلاحه وعن خطته، وطريقته في درسه وتأليفه!

ومع ذلك مات الشيخ محمد عبده غير يائس من إصلاح الأزهر٣ ولكنه لم يدر بخلده يوما ما، أن يتحول الأزهر إلى معهد لتخريج مدرسي


١ تاريخ الإمام: ج١: ص٥٤٣.
٢ تاريخ الإمام ج١: ص٩٢٧.
٣ هل تحققت آمال المفكرين في إصلاح الأزهر بصدور القانون رقم ١٠٣ لسنة ١٩٦١ بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها؟

<<  <   >  >>