للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في شمال هذه البلاد ولدينا نقوش ونصوص تمكننا من إثبات هذا الخلاف في اللفظ، وفي قواعد النحو والتصريف أيضا"١.

وهكذا لا يكون في نظر مؤلف كتاب "الشعر الجاهلي" معبرا عن واقع الحياة الجاهلية فحسب، بل إنه يعبر أيضا عن الأماني التي كانت تدور فيها وتشغل حظا كبيرًا من انتباه القوم، وتجذب وعيهم بالحياة وبالقوة فيها، ولذلك فهو يمثل تلك الحياة أصدق تمثيل.

يقول: فإذا أردت أن أدرس الحياة الجاهلية، فلست أسلك إليها طريق امرئ القيس، والنابغة، والأعشى، وزهير؛ لأني لا أثق بما ينسب إليهم! وإنما أسلك إليها طريقا آخر، وأدرسها في نص لا سبيل إلى الشك في صحته ... أدرسها في القرآن: فالقرآن أصدق مرآة للعصر الجاهلي"٢.

وتخلص من الموازنة بين كتاب "المذهب المحمدي" وكتاب: "الشعر الجاهلي" إلى ما يلي:

أن كليهما يرى:

- أن الحياة الجاهلية قبل الإسلام، كانت حياة حضارية ... كانت حياة حافلة بالكياسة السياسية، والنشاط الاقتصادي، والنهضة الدينية!

- وأن "محمدًا" -أو الإسلام، أو القرآن- استغل المقدسات الدينية في مكة، وفي مقدمتها "البيت الحرام" أول بيت وضع للناس بمكة، والذي قام على عمارته إبراهيم والد إسماعيل! وظاهرة استغلال هذه المقدسات كما يرى كتاب "المذهب المحمدي" هي في أن ثورة محمد أو الإسلام أخذت طابع الدين، دون الطابع الاجتماعي! أما كتاب "الشعر الجاهلي" فيرى هذه الظاهرة في أن محمدا أو الإسلام اضطر إلى قبول قصة إسماعيل وتعلمه العربية اضطرارا مع أنها خرافة أثبتت الحقائق العلمية عدم وقوعها! اضطر إلى ذلك حتى لا يفقد سلاح "المقدسات الدينية" القائمة في مكة وحول مكة في صراعه مع خصومه "المكيين" إذ المكيون أنفسهم كانوا على استعداد نفسي لقبول هذه


١ المصدر السابق: ص٢٥.
٢ المصدر السابق: ص١٥.

<<  <   >  >>