للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعقب أنتيستنيس الفيلسوف الإغريقي، جدد روسلينوس فون كومبين Roscellinus von Compiegne مذهبه هذا في القرن الحادي عشر الميلادي "١٠٥٠- ١١٢٠م" على عهد "المدرسيين" في آواخر القرون الوسطى.

وفي القرن الرابع عشر دافع ويلهلم فون أوكام Wilhelm von Occam "١٢٧٠- ١٣٤٧م" عن هذا المذهب الاسمي دفاعا حارا، وأرجع المعرفة الإنسانية كلها إلى التجربة الحسية أو النفسية، وليس إلى ما وراء الطبيعة مما يسمى بالرسالة الإلهية أو الفلسفة الميتافيزيقية ... على معنى أن الوجود المشاهد هو مصدر المعرفة الصحيحة، وكذلك ما تحصله النفس وما يقوم بها عن طريق الاتصال بهذا الموجود المحس مصدر صحيح أيضا للمعرفة، أما ما يتلقاه مما وراء الطبيعة، من ذلك العالم الخفي الذي لا يرى ولا يحس فليس مصدرا للمعرفة وعلى الأقل ليس مصدرا للنوع اليقيني منها.

ولهذا يرى "أوكام": أن من غير الممكن معرفة الله معرفة يقينية عن طريق النظر العقلي، أو أن إقامة دليل على وجوده من هذا الطريق، وليس على الإنسان إلا أن يؤمن فحسب بالله؛ لأنه حصر إمكان المعرفة الإنسانية فيما يخضع للتجربة الحسية أو النفسية، ويقصد بالتجربة النفسية ما تتلقاه النفس من عالم التجارب الواقعية، وهو عالم المحسوسات، ومع ذلك يفرق "أوكام" بين الحقيقة الدينية والحقيقة الفلسفية "الميتافيزيقية" عند نقده للميتافيزيقا، فلا يستهجن الحقيقة الدينية ولا يمسها أيضا مسا مباشرًا بقدر ما يستخف بتلك الحقيقة الفلسفية.


= الثقافية، والذي يفقدها عليه أن يشغل نفسه مع شيطان القيم المثالية وشعار هذا المذهب: "البطن قبل الروح".
أما المذهب المادي التاريخي: فيرى أن الاقتصاد هو المبدأ المحدد والمقدر في الحياة الإنسانية، حتى الثقافة العقلية والقيم غير المادية! وطريقة الإنتاج في الحياة المادية تحدد بوجه عام تطور الحياة الاجتماعية، والسياسية, والعقلية، وليس عقل الإنسان هو المحدد لوجود الإنسان، بل الوجود الجماعي هو المحدد لعقله ... كما سيأتي تفصيله في فكرة "الدين مخدر" عند الحديث عن الشيوعية.

<<  <   >  >>