للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحاب ذلك الملك المنهوب والحق المسلوب! فاتفق أن رجلا اسمه "أحمد خان بهادور" -لقب تعظيم في الهند -كان حوم حول الإنكليز لينال فائدة من لديهم، فعرض نفسه عليهم وخطا بعض خطوات لخلع دينه، والتدين بالمذهب الإنجليزي، وبدأ الأمر بكتابة كتاب١ يثبت فيه أن التوراة والإنجيل ليسا محرفين ولا مبدلين لينال بذلك الزلفى عندهم! ثم راجع نفسه فرأى أن الإنجليز لن يرضوا عنه حتى يقول: إني نصراني، وأن هذا العمل الحقير لا يؤتى عليه أجرا جزيلا، خصوصا وقد أتى بمثل كتابه ألوف من القسس والبطارقة, وما أمكنهم أن يحولوا من المسلمين عن الدين أشخاصًا معدودة! فأخذ طريقا آخر في خدمة حكامه الإنجليز، بتفريق كلمة المسلمين وتبديد شملهم، فظهر بمظهر الطبيعيين الدهريين ونادى بأن لا وجود إلا للطبيعة العمياء، وليس لهذا الكون إله حكيم "إن هذا إلا الضلال المبين! " وأن جميع الأنبياء كانوا طبيعيين لا يعتقدون بالإله الذي جاءت به الشرائع. "نعوذ الله! " ولقب نفسه بالطبيعي، وأخذ يغري أبناء الأغنياء من الشبان الطائشين، فمال إليه أشخاص منهم، تملصا من الشرع الشريف وسعيا خلف الشهوات! فراق الحكام الإنجليز مشربه، ورأوا فيه خير وسيلة لإفساد قلوب المسلمين، فأخذوا في تعزيزه وتكريمه وساعدوه على بناء مدرسة في "عليكره" وسموها مدرسة "المحمديين" لتكون فخا يصيدون به أبناء المؤمنين ليربوهم على أفكار هذا الرجل "أحمد خان بهادور".

وكتب أحمد خان" تفسيرا٢ على القرآن الكريم، فحرف الكلم عن مواضعه وبدل ما أنزل الله!

"وأنشأ جريدة باسم "تهذيب الأخلاق" لا ينشر فيها إلا ما يضلل عقول المسلمين ويوقع الشقاق بينهم، ويلقي العداوة بين مسلمي الهند وغيرهم -خصوصا بينهم وبين العثمانيين- وجهر بالدعوة لخلع الأديان كافة، لكن لا يدعو إلا المسلمين!! ونادى: الطبيعة الطبيعة، ليوسوس للناس بأن أوروبا ما تقدمت في المدنية وما ارتفعت في العلم والصنعة


١ اسمه: تبيان الكلام" أخرجه في سنة ١٨٦٢، وفسر فيه الإنجيل.
٢ عمل في هذا التفسير من سنة ١٨٨٠ إلى ١٨٩٥م وانتهى فيه إلى سورة الكهف.

<<  <   >  >>