على إفساد عقائد المسلمين، وتوهين علائق التعصب الديني ليطفئوا بذلك نار حميتهم، ويبددوا جمعهم ويمزقوا شملهم، وساعدوا تلك الطائفة على إنشاء مدرسة عليكرة، ونشر جريدة لبث هذه الأباطيل بين الهنديين، حتى يعم الضعف في العقائد، وتهن الصلات بين المسلمين فيستريح الإنجليز في التسلط عليهم ... ".
فحركة السيد أحمد خان، كانت تقوم على الافتنان بالعلم الطبيعي والحضارة الغربية المادية، كما يفتتن في عصرنا الحاضر بعض المفكرين بما يمسى "العلم" Science" وبالمركبات الحضارية التي قامت عليه. والافتتان بالعلم الطبيعي أو بالطبيعة كما يقال يؤدي إلى خفة وزن القيم الروحية والمثالية، وهي القيم التي تقوم عليها رسالة الأديان السماوية التي يمثلها الإسلام أوضح تمثيل، وقد يصير الافتتان بهذا العلم الطبيعي إلى إنكار كل قيمة أخرى مما لا يشاهد في الطبيعة ويدرك بالحس الإنساني. ومن هنا ربط السيد جمال الدين الأفغاني بين إلحاد السيد أحمد خان ومذهبه الدهري أو الطبيعي, مع بقاء انتسابه إلى الإسلام، ونعته بالإلحاد ... رغم ما كان يكرره "السيد أحمد خان" من القول بأنه يدافع عن الإسلام، وأنه يبغي أن يوجد طريقا للمسلم المعاصر، يوفق فيه بين إسلامه وتقبله الحياة العصرية التي قامت إثر نهضة العلم الطبيعي!!
وقد نهج السيد أحمد خان في تفسيره القرآن الكريم، على تطبيق آياته على أساس طبيعي، مما يناقض تماما القول بالمعجزات وخوارق العادات، ولهذا جعل "النبوة" غاية تحصل وتكتسب عن طريق الرياضة النفسية، فهي غاية إنسانية طبيعية، وطريقها طريق إنساني غير خارق للعادة! ولكنه مع ذلك يقر ختم الرسالة الإلهية ببعثة المصطفى عليه الصلاة والسلام.
وفي شرحه لآيات القتال، أضعف من فرضية "الجهاد" في الوقت الحاضر. كما أنه في الآيات الأخرى الخاصة بـ"أهل الكتاب" عبر في غير لبس عن توهين الفجوة بين أهل الكتاب من جانب والمسلمين من جانب آخر!! وطلب التعاون بين المسلمين والغربيين، ودعا إلى ما أسماه "إنسانية الأديان" أي: المعنى الإنساني العام الذي تدعو الأديان السماوية إلى اعتباره وحفظه! وهو ما يشبه اليوم فكرة "العالمية" التي تتبناها اليهودية الرأسمالية والشيوعية الدولية؛ وقد كانت من قبل تلقب بالفكرة "الماسونية"! وفي هذه الفكرة تنمحي كل الفوارق بين الأوطان والقوميات والأديان والمذاهب!!